إحدى مشاكلنا الناشئة من رؤيتنا الخاطئة عن الحياة هي أنه بمجرد أن واجهنا مشكلة في حياتنا نفتش عن المقصّر. نعم في المسائل الاجتماعية والقضايا العامة المرتبطة بكيان الأمة مثلاً، لابد أن نبحث عن المقصر أو العدو.... ولكن حتى في هذه القضايا الاجتماعية لابد أن ننظر إلى ما وراء هذه الظواهر كما قال الإمام الخميني: كانت الحرب... من الألطاف الإلهية الخفية. إذ يعتبر أولياء الله أن البلاء من ألطاف الله على عبده المؤمن كما قالت الرواية: (فَيَصُدُّهُ بِلُطْفِ الله). أما العدو فهو مسكين شقي جنى على نفسه قبل أن يجني علينا، فنحاربه ونقتله، ولكن لا ننس الألطاف الإلهية في خضم هذه البلايا.
لا تبحثوا عن المقصر والخاطئ كثيرًا. فإن المقصرين ليسوا مقصرين كثيرًا. فقد صنفتهم الروايات وليس كل المقصرين في درجة واحدة. فعلى سبيل المثال قل ما يوجد مدير لا يظلم من تحته. فكن على ثقة من هذه القاعدة ولا تغضب وتقيم الدنيا ولا تقعدها بسبب سوء تصرف موظفيك وأغلاطهم في العمل. لا تصرخ عليهم فإنها من سنن الله فإن الله هو الذي ينسيهم في بعض القضايا ليمتحن مدى صبرك وحلمك.
لا أريد أن أخوفكم ولا تصفر وجوهكم من ذكر هذه القواعد ولكن اعلموا أنه تقريبًا، لا يمكن أن تلطف بأحد ثم ترى اللطف والمحبة منه نفسه. يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (مَا أَفْلَتَ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَرُبَّمَا اجْتَمَعَتِ الثَّلَاثُ عَلَيْهِ إِمَّا بُغْضُ مَنْ يَكُونُ مَعَهُ فِي الدَّارِ يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ يُؤْذِيهِ أَوْ جَارٌ يُؤْذِيهِ أَوْ مَنْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى حَوَائِجِهِ يُؤْذِيهِ وَلَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ شَيْطَانَا يُؤْذِيهِ وَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِ أَنْساً لَا يَسْتَوْحِشَ مَعَهُ إِلَى أحد) (الكافي، ج 2، ص 249).
وقال (عليه السلام): (أَرْبَعٌ لَا يَخْلُو مِنْهُنَّ الْمُؤْمِنُ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُؤْمِنٌ يَحْسُدُهُ وهُوَ أَشَدُّهُنَّ عَلَيْهِ ومُنَافِقٌ يَقْفُو أَثَرَهُ أَوْ عَدُوٌّ يُجَاهِدُهُ أَوْ شَيْطَانٌ يُغْوِيهِ) (الكافي، ج 2، ص 250).
ترى بعض الناس قد استشاط غضبًا وانتفخت أوداجه. فتسأله ما الخبر. يقول: ما كنت أتوقع أن فلانًا يفتن بي حسدًا. فلعل هذا الإنسان يريد أن نرميه بطلقة لنسرع به إلى الجنة، إذ يبدو أنه لا يطيق قواعد هذه الدنيا.
هيا تسلحوا أيها الإخوة بسلاح الدعاء. اللهم أزل من قلوبنا الحقد على من ظلمنا وآذانا..... اللهم لا تجعلنا مدللين. اللهم لا تجعلنا من أهل الضجر والسأم والجزع والتحجج. فكلها هي عبارات أخرى لدعاء اللهم أزل من قلوبنا الحقد.
وهناك ترجمة عرفانية لهذا الدعاء ولا بأس أن ندعو بها... فمن الأولى أن نقلل من الكلام ونكثر من الدعاء. فنقول: اللهم أنت عظيم فاجعلنا عظامًا مثلك. اللهم أنت كريم فاجعلنا كرامًا مثلك. اللهم أنت أكبر من كل شيء وأكبر من أن توصف وهذا هو أهم ما توصف به وعلي أن أكرره في صلاتي بعد أذكاري وحركاتي وسكناتي. فعند لقائي بك لابد أن يكون تناسب بيننا وبينك، فاجعلنا كبارًا يا ربنا وأنقذنا من الطفولة والصغر.
إن إدراك ضرورة المحن والعناء في هذا العالم يسهل على الإنسان اختيار الدين، لأذكر لكم فائدة أخرى من هذا البحث... اسمعوا هذه الرواية... قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) لهشام: (يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وإِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشِقَةِ ونَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَةِ أَبْقَاهُمَا) (الكافي، ج 1، ص 18). أفهل يسمح الله لأحد أن تخلو حياته من الصعوبات؟! أرجو أن تدققوا في هذه الحقيقة كثيرَا.
إحدى الخيانات التي تمارسها الأفلام الغربية تجاه الناس، هي أن تظهر المجتمع الغربي أكثر سعادة من غيره، لنتصور أن سعادته في هذه الدنيا جاءت من ابتعاده عن الدين. أفهل يمكن أن يسعد الإنسان بالابتعاد عن الدين، وهل يمكن أن تخلو الحياة البعيدة عن الدين عن جهاد النفس والمشاكل والمعاناة؟!
ذات يوم كنت في كندا وكان أحد الأصدقاء يعرفني على القنوات التلفزيونية في كندا. ففي تلك الأثناء قال لي: إن المجتمع الغربي قد حل الكثير من هذه المشاكل والقيود التي تعتقدون بها أنتم في علاقة المرأة والرجل. قلت: كيف يمكن ذلك؟ فهل انتفت كل المشاكل بحرية علاقة الرجل والمرأة؟ قال: نعم بالتأكيد فلم تبق مشكلة في هذا المجال، أنتم قد عقدتم القضية بمجموعة من الأوامر والنواهي، أما هنا فالكل مرتاحون ولا مشكلة بعد في هذا المجال.
أثناء ما كان يتكلم بهذا الكلام، رأيت في الفيلم فتاة صفعت وجه شاب فسألته لماذا صفعت الفتاة وجه هذا الولد؟ أنا سألته عن القصة، وإلا فما رأيته كان فيلمًا وطال ما كذب الغربيون في أفلامهم وقصصهم وصوروا مجتمعهم في قمة السعادة والجمال. فنظر إلى الفيلم وقال: يبدو أن هذين صديقان، ولكن الفتاة قد رأت صديقها مع فتاة أخرى فصفعت وجهه. فقلت له: أما قلت لي الآن أن مشاكل علاقة الرجل والمرأة محلولة هنا؟! فقال: لا، لم تنحل إلى هذا المستوى. فرجع إلى نفسه سائلاً لماذا؟ قلت أن هذه القضايا محلولة في هذا البلد!
كان ينظر بأم عينه المشاكل والخلافات والنزاعات والجرائم في المجتمع الغربي، ولكن مع ذلك يشعر بأن المجتمع قد حل الملف الجنسي والعلاقة بين الرجل والمرأة فانظروا كم كانت هذه الإلقاءات السامة والكاذبة والخادعة قوية.
بعد أن يعي الإنسان فلسفة هذه الدنيا وهي الكبد والعناء وأدرك ضرورة تحمله العناء، سوف يسهل عليه تحمل العناء ويختار الدين بسهولة. وهذا ما سوف يفرضه عليه عقله.
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد صنقور
السيد منير الخباز القطيفي
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد عباس نور الدين
الشهيد مرتضى مطهري
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
لا تلهِ نفسك بالبحث عن المقصر
مدة المشي التي نحتاجها للوقاية من آلام الظّهر المزمنة
(عيون الدبابية) جديد الكاتب أحمد بن جواد السويكت
الأخلاق كإشكالية
معنى (فتأ) في القرآن الكريم
معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ﴾
على غالق
الرّحمة المحمّديّة
معنى (أرب) في القرآن الكريم
داء السكري يؤثر سلبًا في عمل القلب