
معنى قوله تعالى:{ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} (1)
العِشار جمعُ عشراء وهي الناقة التي مضى على حملها عشرةُ أشهر وتُسمَّى حينذاك عشراء إلى أنْ تضع حملَها، والناقة العشراء هي أنفسُ أموال العرب، لذلك فهم يستبشرون بها ويحرصون على رعايتها وحياطتها والاحتفاء بها، ويذودون عنها حتى في مواطن الخوف، ومعنى قوله تعالى: {عُطِّلَتْ} تُركت وأهملت ولم يُحفل بها.
والآية واقعة في سياقِ آياتٍ متصدية لتوصيف الشدائد المهولة التي سوف تكتنف قيام الساعة فقوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} ليس معناه أنَّ ثمة نوقاً حوامل سوف تُحشرُ ويتمُّ إهمالها من قِبل مُلَّاكها بل المراد من ذلك هو الكناية عن شدَّة أهوال يوم القيامة وأنَّها لشدَّة هولها يذهلُ الإنسان عن كلِّ شيء، فلا يعبأ حتى بنفائس الأموال التي يحرص في الدنيا على اقتنائها والحياطة لها، فهو يومذاك مشغولٌ بنفسه عن كلِّ شيء وعن كلِّ أحد كما قال تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ *وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ *وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ *لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(2).
فمؤدَّى قوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} قريبٌ من مؤدَّى قوله تعالى:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى..}(3) فليس مفاد الآيات من سورة الحج أنَّ ثمة أُمًّا مرضعة تذهلُ عن رضيعها، وثمة حبلى تضع حملها يوم القيامة بل مفادها أنَّ الانسان لشدَّة الفزع الذي يجتاحه من هول ذلك اليوم يذهل عن أعزِّ ما عنده، فلأنَّ أعزَّ شيءٍ لدى الأمِّ هو رضيعها لذلك ساقت الآيات ذلك مثالاً للتعبير عن شدَّة الفزع والذهول الذي ينتاب الإنسان.
كذلك الشأن فيما هو المراد من قوله تعالى:{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} فإنَّه مسوقٌ للكناية عن اشتغال الإنسان يوم القامة بنفسه وذهوله عن كلِّ شيء حتى أنَّه لو كانت بيده أنفس الأموال التي يطمح في اقتنائها يوم كان في الدنيا لذهل عنها وأهملها ولم يعبأ بها.
توجيهٌ آخر لمفاد الآية:
هذا وقد قيل إنَّ الآيات الأولى من سورة التكوير ليست بصدد التوصيف للشدائد التي تحدثُ يوم القيامة، وإنَّما هي بصدد البيان لبعض أشراط الساعة أي الأحداث التي تسبق قيام الساعة، فبدأت بقوله تعالى:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ *وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ *وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}(4).
وعليه يكون مفاد قوله تعالى:{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} هو أنَّه يتمُّ حينذاك إهمال نفائس الأموال وذلك لانتفاء نفعها أو لما ينتاب الناس من ذهولٍ وفزعٍ لما يشاهدونه من اختلال نظام الكون وتبدُّل أحواله المعهودة، فالعشار جيء بها للتمثيل والمقصود هو الذهول عن نفائس الأموال وكرائمها، تماماً كما يقال نشب الحريق فأذهل الناس عن ذهبهم وفضَّتهم ونفيس أموالهم والغاية من ذلك هو التعبير عن شدَّة ما أصابهم من الهلعٍ والفزع.
فقوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} معناه وإذا الأموال تُركت وأهملت إمَّا لذهاب نفعها وذلك لاقتراب قيام الساعة وهلاك جميع الناس أو كان منشأ إهمالها الفزع الذي يجتاح أفئدة الناس فيشغلهم عن أعزِّ ما يملكون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة التكوير:4.
2- سورة عبس: 34، 37. .
3- سورة الحج : 1، 2.
4- سورة التكوير: 1، 2. 3.
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
شكل القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم
(ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
كلام في الإيمان