الشيخ محمد مهدي شمس الدين ..
الجهاد أحد مبادئ الإسلام الأساسية الكبرى التي يرتكز عليها النظام الإسلامي للحياة وهو ينطوي في مبدأ إسلامي أعم منه وأشمل هو مبدأ الحركة في الإسلام.
فالإسلام نظام للإنسان يقوم على مبدأ الحركة الدائمة والصاعدة نحو تكامل الحياة والإنسان في أفضل صيغة أرادها الله سبحانه وتعالى. فالمسلم الذي يقيم حياته على الإسلام يتحرك خلال جماعته ومجتمعه حركة إيجابية خيرة بناءة، والجماعة التي تقيم حياتها على الإسلام تتحرك خلال مجتمعها حركة إيجابية خيرة بناءة، والمجتمع الإسلامي الذي يقيم حياته على الإسلام يتحرك خلال المجتمع البشري حركة إيجابية خيرة بناءة.
الإسلام إذًا دين حركة ، وليس دين السكون والجمود كما هو الشائع خطأ عن الدين بالمفهوم الغربي للدين، المسلم الحق خلية نشاط وعمل وإنتاج وعطاء يجعل حياته في خدمة الآخرين.
والجهاد الإسلامي مظهر من مظاهر مبدأ الحركة في الإسلام، والجهاد في الإسلام على أنواع :
1- جهاد النفس على الصعيد الفردي، وذلك حين يواجه الإنسان مظاهر الضعف والنقص في نفسه فيحار بها مستهدياً بتعاليم الله سبحانه وتعالى، وسيرة رسول الله وأهل بيته والتابعين لهم بإحسان، وهذا النوع من الجهاد هو مما أراد الله تعالى بيانه في ختام سورة العنكبوت في قوله تعالى: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)) المسلم في هذا النوع من الجهاد في حالة رقابة مستمرة على نفسه وعلى وجوه الضعف التي تعتريه من أجل أن يكون نموذجاً للإنسان الرسالي القوي الفعال المجاهد في سبيل الله.
2- جهاد الحياة، وهو العمل الإيجابي الإنتاجي في سبيل توفير الكفاية في العيش في النفس وللأهل وفي سبيل المشاركة في رخاء المجتمع والقيام بواجبات التكامل الاجتماعي الذي شرع الله له نظاماً كاملاً في الإسلام يجعل الأمة جامعة لحياة كل فرد من أفرادها وساحة هذا النوع من الجهاد هو الحياة العملية كلها. ومن أظهر وجوه هذا الجهاد بذل المال في سبيل البر الذي يعود بالخير والنفع على عامة الناس وهو أحد الوجوه التي عناها الله سبحانه وتعالى في آيات الجهاد بالمال، وقد ورد في السنة الشريفة عن رسول الله نصوص كثيرة تصف العامل المخلص في سبيل قوته وقوت عياله بأنه مجاهد، وتصف من يبذل عمله أو ماله في سبيل الخير العام بأنه مجاهد.
3- الجهاد الحربي، وشرعيته ثابتة بالضرورة من الدين، وهو موجه ضد أعداء الإسلام والمسلمين الذين تفشل معهم كل مساعي السلام القائم على العدل والأخلاق.
فالإسلام بما هو دين العدل والأخلاق وكرامة الإنسان، وبما هو دين القوة والحركة والعنفوان يرفض أن يستسلم أتباعه ومجتمعه لقوى الظلم والطغيان، لأنه حركة مستمرة ضد كل ظلم وكل طغيان وكل انحراف يعرض حرية الإنسان وكرامته للانحطاط، بل يعلن الحرب بكل ما يملك من إمكانيات في الوقت الذي لا يرفض فيه فكرة السلم كلما عرضت، شرط أن تكون سلماً قائماً على الحق والعدل، لأنها بدون ذلك تكون استسلاماً وخضوعاً لقوى الطغيان، وقد قال سبحانه وتعالى في شأن الاستجابة للسلم العادل إذا توفرت شروطه ودواعيه ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله)).
وهذا الجهاد تخوضه الأمة كلها، وفي طليعتها جيشها المقاتل ومن ورائه المجاهدون بأموالهم والمجاهدون بأعمالهم والمجاهدون بأفكارهم، كل في موقعه، وفي نطاق ما يحسن من عمل يوجه لخدمة هدف النصر على أعداء الله والأمة.
في القرآن الكريم:
وقد تكرر ذكر الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس بالحثّ عليها، والترغيب فيه والتحذير من تركه وبيان حالاته، تكرر أكثر من ثلاثين مرة هذا غير ما ورد في القرآن بصيغة القتال في سبيل الله وهو كثير.
وقد ارتبطت قوة المسلمين الدولية واستقلالهم السياسي، ونفوذهم الفكري والحضاري، وفعالية دورهم العالمي، ارتبط هذا كله بحياة عقيدة الجهاد وروح الجهاد في قلوبهم وعقولهم، وعلى عكس ذلك كان الحال حين تموت فكرة الجهاد في عقولهم وقلوبهم، فإنهم يتعرضون لفقدان الاستقلال السياسي وتضاؤل الدور العالمي أو انعدامه، وانحسار التأثير الحضاري والفكري بل يتعرضون لما هو شر من ذلك، وهو تسلّط القوى الأجنبية عليهم ومصادرة حرياتهم، ونهب ثرواتهم. وقد عبّر عن ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في إحدى خطبه المشهورة فقال مخاطباً المسلمين: ((أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالإسهاب، وأذيل الحق منه بتضييع الجهاد وسيم الخسف ومنع النصف)).
ووجود إسرائيل، وضياع فلسطين، ما هو إلا مظهر من مظاهر انعدام (روح الجهاد في نفوس المسلمين وعقولهم، واستبعاد مبدأ الجهاد من حياتهم العملية، وأي بلاء أعظم على الإسلام والمسلمين ومن بينهم الأمة العربية، من اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، وتدنيس أرضها، وتلويث مقدساتها، مقدسات الإيمان بكل مظاهره في جميع الأديان وخاصة مقدسات الإسلام وعلى رأسها مدينة القدس والمسجد الأقصى. ولا يمكن أن تواجه قضية فلسطين وحق شعبها في العودة وفي ممارسة حقوقها على أرضه إلا ببعث روح الجهاد في العالم الإسلامي كله، فليس أحد أحق بفلسطين من أحد، وإنما هي مسؤولية إسلامية كبرى وشاملة، وإنه لمن المضحكات والمبكيات أن تعتبر قضية فلسطين قضية شعب فلسطين تارة قضية الفلسطينيين وحدهم، وأخرى قضية العرب وحدهم، بينما هي في شرع الله وحكم القرآن قضية جميع المسلمين ومسؤولية جميع المسلمين، وسيحاسب الله حساباً عسيراً كل مسلم قصّر في المساهمة العملية في تحرير فلسطين من أسرها وهو القادر على ذلك.
على كل مسلم أن يعي أنه ما دامت فلسطين مغتصبة، وما دام شعبها مشرّداً، فإن الجهاد بالأموال والأنفس واجب عليه وإن قادة المسلمين في جميع أنحاء العالم يتحملون مسؤولية عظمى أمام ألله تعالى وأمام التاريخ إذا قصروا في تنظيم الجهود والطاقات والإمكانات لتكوين جبهة إسلامية تمتد على مدى العالم الإسلامي كله، فتكون كلها جهة مواجهة للصهيونية الباغية في فلسطين وكلها جبهة صمود وتصد للصهاينة المعتدين.
إن الجهاد هو ضمانة الحياة الكريمة السعيدة الفنية القوية، ودعوة الله تعالى إلى الجهاد هي دعوة هذا اللون من الحياة التي لا يليق بالإنسان غيره. وهذه هي الحقيقة الإسلامية التي عبّر عنها الله تعالى بقوله في سورة الأنفال: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم).
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد باقر الصدر
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
ختم الله على قلوبهم
أيهما أكثر صحّة، النّوم على الظّهر أم على أحد الجانبين؟
الدبوس، ضيف مجلس الزّهراء وحديث حول الإصابات الرّياضيّة
الابتلاء ومعنى ربطه بحبّ الله للعبد
تاريخ أصول الحديث
ضرورة الإمامة
الجوهر الفرد
بعض مصاديق الشّرك الخفي وعلائمه
زهور المستقبل، يحتفي بذوي الاحتياجات الخاصّة
السّنن التي تحكم المجتمع والتّاريخ من منظور قرآنيّ