
الشيخ علي رضا بناهيان
في الحديث أن النبي(ص) كان يوصي بعدم التشاؤم ويكره المتشائمين: «كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ» (مكارم الأخلاق/ ص350). فلا تجعل للأفكار السيئة سبيلاً إلى ذهنك. لا تقل: لا يمكن، بل قل: يكون إن شاء الله.
فلنول للذهن أهمية وقداسة، فإن جزءاً كبيراً من العبادة يحصل في الفكر والذهن. فكما ورد في الحديث: «كَانَ أَكْثَرُ عِبَادَةِ أَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ خَصْلَتَيْنِ: التَّفَكُّرَ وَالِاعْتِبَار» (الخصال/ ج1/ ص42). وكان(رض) قد أُصيب ذات مرة بألم في عينيه فقيل له: «لَوْ دَعَوْتَ اللهَ أَنْ يَشْفِيَ بَصَرَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي عَنْهُ لَمَشْغُولٌ وَمَا هُوَ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي. قَالُوا: وَمَا يَشْغَلُكَ عَنْهُ؟ قَالَ: الْعَظِيمَتَانِ الْجَنَّةُ وَالنَّار» (الخصال/ ج1/ ص40). ويقول أمير المؤمنين(ع): «رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِع» (نهج البلاغة/ الخطبة32)؛ أي إن ذكرهم للآخرة وتفكيرهم فيها أعمى أبصارهم عن الدنيا.
وناهيك عن المسائل المعنوية، فإن لضبط الذهن أثرَه على شؤون الحياة العادية أيضاً. فحوادث حياتنا هي في الغالب نتيجة انشغالات بالنا وخواطر أذهاننا. يروي أحد أصحاب الإمام الصادق(ع): أردت الذهاب عند الإمام(ع) فارتديت ثوباً جديداً وقد كنتُ مُعجباً به. فضايقني جملٌ في الطريق ومزّق ثوبي. فدخلتُ على أبي عبد الله(ع) فنظر إلى الثوب وقال لي: «مَا لِي أَرَاكَ مُنْهَتِكاً؟» فأخبرته بالقصة. فقال: «إِذَا لَبِسْتَ ثَوْباً جَدِيداً فَقُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله تَبْرَأْ مِنَ الْآفَة» (الكافي/ ج6/ ص459)؛ أي مرِّر في ذهنك كلاماً طيباً.
ثم قال(ع): «إِذَا أَحْبَبْتَ شَيْئاً [دنيوياً] فَلا تُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِه فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَهُدُّكَ» (المصدر نفسه) أي: فإنه سيحطمك! وهاهنا يجدي ضبط الذهن، بل إن من القبيح أن يستغرق ذهن ابن آدم في مثل هذه الأمور.
يوصينا القرآن الكريم بأن: لا تتأسف كثيراً على ما ضيّعته ولا يغمرك الفرح بما حصلت عليه: «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» (الحديد/20). فإن نلتَ شيئاً فسارع إلى شغل ذهنك بفكرة حسنة، كأن تذكر الله بقولك مثلاً: «هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي» (النمل/40)، ثم ناجِ ربك؛ بأن تخاطبه على سبيل المثال بالقول: "إلهي، فلأنفق هذا في سبيلك"؛ أي انشغل بربك، ولا تخلُد إلى الأرض!
يؤثّر ضبط الذهن حتى على علاقاتنا الاجتماعية. إذ يوصينا الإمام الصادق(ع) بأن لا نحدّث أنفسنا بسوء عن شخص إذا كانت لنا عنده حاجة لأن ذلك سيبلُغُه: «وَإِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى رَجُلٍ حَاجَةٌ فَلا تَشْتِمْهُ مِنْ خَلْفِهِ فَإِنَّ اللهَ يُوقِعُ ذَلِكَ فِي قَلْبِه» (الكافي/ ج6/ ص459). ولقد أثبت علم الفيزياء أن أمواج ذهن الإنسان تنتقل. فلا يسيء أحدُنا الظن بالآخر ولا يفكر فيه سوءاً، وليحب بعضنا الخير للبعض الآخر؛ فإن من أسباب حُسن العاقبة حب الخير والنصيحة للآخرين.
من أجل النأي عن الدنيا ابدأ بالسيطرة على الذهن! يقول تعالى في كتابه العزيز: «لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ» (طه/131)؛ لا تُطل النظر إلى دنيا الآخرين! أي لا تفكّر فيها. لم يقل: «لا تنظر»، بل قال: «لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ...»؛ أي لا تفكر في النعم التي أسبغتُها على الآخرين. لماذا تشغل بالك؟! فهذا يفسد أخلاق الإنسان. فإنْ أطال الإنسان التفكير فيما عند الناس من النِعَم فسيصاب بالحسد وكفران النعمة.
ثم يقول تعالى: «وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (طه/131)؛ أي إن الرزق الذي أعطاك ربُّك وما أنالك من النعم المعنوية خير لك. يروى أن غنائم كثيرة غنمها النبي(ص) في غزوة له بعد فتح مكة. فرآه أهلُ المدينة (الأنصار) يعطي أكثرها لأهل مكة الجديدي العهد بالإسلام والذين لم يبذلوا في سبيل الإسلام شيئاً. فاستنكروا على تقسيم رسول الله، فقال لهم(ص): «أَفَلا تَرضَونَ يَا مَعشَرَ الأَنصَارِ أَنْ تَذهَبَ النَّاسُ إِلَى رِحَالِهِم بِالشَّاةِ وَالبَّعيرِ، وَتَذهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُم؟» (تفسير الميزان/ ج9/ ص233).
من آيات عظمة الله سبحانه
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
كيف نحافظ على الفطرة قوية فاعلة؟
السيد عباس نور الدين
سرّ القوّة المذهلة للتّنهد العميق والشّعور بالسّعادة الكامنة وراءه
عدنان الحاجي
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
الشيخ علي رضا بناهيان
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
معنى (سقف) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
البحث التاريخي
السيد جعفر مرتضى
الكلمات في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
السيدة زينب: بهاء من ملكوت الطّفّ
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
من آيات عظمة الله سبحانه
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
كيف نحافظ على الفطرة قوية فاعلة؟
سرّ القوّة المذهلة للتّنهد العميق والشّعور بالسّعادة الكامنة وراءه
السيدة زينب: بهاء من ملكوت الطّفّ
آل سعيد يطرح قاعدة بسيطة فعّالة لدفع القلق والتّوتّر
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
(التّواصل ليبقى الحبّ) محاضرة للرّاشد في مركز البيت السّعيد
تفسير المحيط الأعظم والبحر الخِضَمّ
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء