سياحة ثقافية

عين العودة في تاروت


تقع عين العودة بالبلدة القديمة في جزيرة تاروت ويعود تاريخها إلى حوالي 4 آلاف سنة. وتواجه حاليًّا إهمالًا يهددها كموقع أثري بعد إهمالها منذ قرابة 10 أعوام وتهاوي أجزاء من أطرافها ونضوب مائها.
 ويذكر المؤرّح عبد الخالق الجنبي عن عين العودة: أثبتت الاكتشافات العلمية التي تمت في جزيرة تاروت أنّ عينها الشهيرة المعروفة الآن بـ "عين العودة" – التي هي إحدى أقدم عيون واحة القطيف إن لم تكن أقدمها بالفعل – كانت موجودة قبل أكثر من أربعة آلاف سنة من الآن كما أكد ذلك رئيس البعثة الدانماركية التي نقبت في المنطقة - جيوفري بيبي - في كتابه البحث عن دلمون؛ وهذا يعني أنها كانت محفورة قبل العام 2000 قبل الميلاد، وعليه فإنه وفقاً للنظرية التي قلنا بها من أنّ عيون واحة القطيف قد حُفرت منذ العام 4000 قبل الميلاد وما بعده، فإنّنا نستطيع تحديد العمر المبدئي لأقدم عيون القطيف بأنه يقع بين التاريخين (4000 – 2000) قبل الميلاد.


ماء عين تاروت
 كانت العين تاروت أو عين القلعة كما يطلق عليها، تسقي الجزيرة بأكملها وتحتوي على مياه معدنية يقصدها المرضى للاستشفاء. وكان يخرج من العين ماء حار وبخار شتاءً وماء بارد فاتر صيفاً، وهي تعد من العيون الطبيعية الجوفية الكبيرة وهي عميقة، ومسورة من ثلاث جهات، والجهة الرابعة لا تحتاج لسور، فالبرج الشمالي للقلعة كان بمثابة السور. وكان ماء هذه العين مقدسًا عند أبناء الحضارات التي سادت ذات يوم، إذ أن كثيرًا من الديانات كانت تقدس المياه، أو تعطيه صبغة ذات قداسة حتى في يومنا هذا.


أهمية العين المحفورة
داخل الصخور حفرت العين الّتي تطل على قلعة تاروت، حيث تضم جحورًا ولحوفًا بداخلها، وتنورها قريب من قاعدة القلعة. فعين العودة وقلعة تاروت تمثلان ركائز أساسية للجذب السياحي بالبلدة بسبب مكانتهما التاريخية والتراثية.
يؤكد أحد المواطنين أنّه لطالما سبح أبناء المنطقة في العين، وزودت الحي في السنوات الماضية بالمياه، داعيًا إلى الالتفات إليها وترميمها باعتبارها جزءًا رئيسًا من تاريخ تاروت والمنطقة. وتناول قصص وحكايات "دعيدعة العين" الوهمية وتشبثها بعقول ووجدان العامة،  مطالبًا المعنيين بالالتفات إليها بعد أن تحولت إلى مكب للأوساخ والمخلفات.
 كانت عين العودة خاصة بالنساء في الماضي، حيث كن يغسلن الملابس على أطرافها، واستخدمت فيما بعد من قبل الرجال على فترات.


طبقات العين
وتتكون العين من طبقات أربع. الأولى منها تعرف بالطبقة التجويفية الخارجية والذي تشكل به الشكل الهندسي الخارجي للعين، أما طبقتها الثانية فهي عبارة عن نتوءات صخرية تبرز في جدران العين الداخلية. أما في الطبقة الثالثة فيوجد بها سرداب طويل، ومجرى مائي تنتقل من خلاله مياه العين للمزارع. وهذا الجزء أكثر الأجزاء ضيقاً إذ يمتد بعده قاع العين الذي يتكون من طبقة رسوبية تتدفق من خلالها المياه الجوفية، ومنه تتغذى العين بالمياه الجوفية المنبعثة من باطن الأرض ولكن سرعان ما نضبت، وكانت تدفع السباحين للأعلى بسبب قوة تدفق مياهها.


الحلقوم
ويتفرع الحلقوم من عين العودة، وهو عبارة عن المجرى الخاص لحمام عين تاروت. كان الحلقوم يخرج من العين إلى بركة في الجهة الغربية حيث كانت مغتسلاً للنساء، ويجاورها تل يحيط بها، وقد ذكره جيفري بيبي رئيس البعثة الدنماركية التي تولت عملية التنقيب في الستينيات الميلادية في مؤلفه كتاب دلمون، وعرفت تاروت في التاريخ بحضارة دلمون باربار التي كانت تتركز في هذا التل المجاور لعين العودة وهي تعتبر من أساس حضارة جزيرة تاروت.
يقول أحد سكان جزيرة تاروت:" استدعيت مع نفر من تاروت لمشاهدة بعض الزخارف الإسلامية في بيت يبعد عن عين العودة حوالي مائتي متر، وكان في البيت بئر لا تزال ماؤها في قعرها حتى وقت الزيارة".
 وذكر أنه فيما مضى كانت الخاصة من أهل تاروت، ينزلون إلى قعر البئر ويخرجون من العين المذكورة، فإن صح هذا القول فإنه يؤكد وجود قناة تحت الأرض تصل بين العين والبئر، وهو دليل آخر على أن الديرة القديمة قد شيدت على أنقاض بلدة قديمة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد