إن استيعاب وشمولية النظرة في دراسة شخصية زيد، يصبح أمراً لابد منه، ولا غنى عنه، مادام أن شخصيته نفسها تستقطب في ارتباطاتها وتفاعلاتها - كما في أهدافها، وطموحاتها – كل تجليات الحياة، ومظاهر الوجود في الكون الأرحب، الذي أراد الله سبحانه أن يسخره لهذا الإنسان ليتخذ منه وسائله وأدواته، التي تمكنه من أن يبني حياته الهادفة زاخرة بالخير والعطاء، وعامرة بالهدى والبركات. شخصية زيد بن علي السجاد عليه السلام، ليس لها حدود، يمكن أن تفصلها عما يحيط بها، وإنما، هي انطلاقة النور الغامر، ووجيب حركة الكون العامر، تغمر الكون بالعطاء، وتمده بالهدى، وتفيض عليه الوجود.
ذلك النور، الذي يستغرق كل شيء ويُستغرق فيه كل شيء، ويثيره، ويتفاعل معه، في حيوية وبهاء، وفي حنان، وصفاء. إن شخصية زيد بن علي ـ الذي هو قبس من جده الحسين، ومشكاة من والده السجاد عليهما السلام ـ لابد، وأن تدرس على أساس أنها ومضة النور الإلهي الدافق، الذي تشرق به حنايا الوجود لتثير فيه كوامنه. ويختزن في داخله النموذج الحي للتجربة الواقعية للإسلام الصافي، بكل مفاهيمه، وتعاليمه، وأهدافه، ومراميه، في نطاق الإدارة الإلهية، التي تؤهل هذا الإنسان لحمل الأمانة، بعد ان يصبح نموذجاً للإنسان الذي يملك خصائصه الإنسانية الحقيقية، ليعيش إنسانيته في نطاق الامتداد الواقعي للحياة الحقيقية والباقية، بعد تخليصه من كل مظاهر الزيف، والتمويه، وإزاحة الحجب، وإزالة كل الموانع والعراقيل، التي تعترض سبيل تفاعله مع الحياة بصورة واقعية وحقيقية، وبكل ما يملك من طاقات ووسائل. وإن الدار الآخرة لهي الحيوان.
ثورة أم حركة جهادية:
ومن هنا: فإننا إذا أردنا تقييم حركة زيد في خروجه في وجه الحكم الأموي الظالم والمنحرف. لابد وأن نسجل، أنه في حين يصح أن نطلق على بعض الحركات اسم "الثورة"، فإن حركة زيد هذه تأبى إباءً شديداً عن أن تدخل في نطاق هذه الكلمة، كلمة "ثورة"، أو أن تخضع لمعاييرها.
وإنما التعبير الأدق، الذي يستطيع أن يستوعب معانيها ودلالاتها، بملاحظة ما لها من بعدٍ إيماني عميق، كان له التأثير المباشر والفاعل على ما لها من مرامٍ وأهداف – إن التعبير الأدق هو أنها: "حركة جهادية". تتصل بالله، وتنتهي إليه، وتنطلق من وعي عميق، تجذر في ضمير حي، لإنسان عرف معنى الحرية والعبودية، ومارسهما، فكراً، وإيماناً، وسلوكاً، وموقفاً، حينما تحول هذا الوعي إلى طاقة، تفجرت بركاناً، يحرق كل مظاهر الزيف والتمويه، ويلتهم كل زبارج الباطل وبهارجه، ليحولها إلى رماد اسود تذروه الرياح.
نعم.. إنها الحرية الكاملة التي تحفظه من ان يستذله عاتٍ وجبار، أو أن تقهره رغبة. أو شهوة. إلى جانبها العبودية لله، ولله وحده لا شريك له، والخضوع له والفناء فيه. فحركة زيد ليست ثورة، وإنما هي جهاد، وشتان ما بين الجهاد والثورة، فإن بينهما فروقاً كبيرة وكثيرة، مادام أن الجهاد ـ وليس الثورة ـ باب من أبواب الجنة، فتح الله لخاصة أوليائه، دون كل من سواهم، ولابد فيه بعد إحراز الركائز الأساسية للإيمان واليقين، من أن ينطلق من ساحة وواحة الرضا الإلهي، إلى آفاقه الرحبة، التي لا يرى فيها سوى الله سبحانه، والله وحده، ولتكون الإرادة الإلهية هي التي تهيمن على كل حركة، وتفرض نفسها على كل موقف، وتتجسد على كل صعيد. وأنى للثورة أن تكون كذلك، سواء في أهدافها، ودوافعها، أو في أي من مراحلها المختلفة، أو في أسلوب عملها، وسائر ما يرتبط بها، أو ينتهي إليها. وهذا موضوع هام ودقيق، لابد من التوفر عليه، تنقيحاً، وتوضيحاً في فرصة أخرى، نسأل الله سبحانه أن يتيحها لنا، بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ شفيق جرادي
السيد جعفر مرتضى
حيدر حب الله
إيمان شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
السيد عباس نور الدين
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ فرج العمران
التدخين أكثر ضررًا على القلب مما كان يعتقد سابقًا
قصّة (سنة الطّبعة) للأطفال في تاروت
متى يكتفي الموتُ منا
هكذا هم المنافقون
حقيقة كمال الاستعانة
كلامٌ في الرّقّ والاستعباد
النِّيّةُ سِرٌّ مستودَع
الشيخ عبد الجليل الزاكي: من السنن الإلهية
الشيخ محمد علي الأحمد: مقومات اليقين وآثاره
ذِكرُ الله، حينَ البَأس