مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

كيف نصدق بأنّ الله رحيم؟


الشيخ علي رضا بناهيان

كيف نصدق بأنّ الله رحيم؟
فلنطلب.. فلنذُق.. فلتبدأ علاقتنا مع الله. حلاوة محبّة الله.
لكي تتفاعلوا مع رحمة الله وتستشعروا مذاقَها وتذوقوا لذّتها، أتدرون ماذا ينبغي أن تفعلوا؟ لا بد أن تروا عظمة الله تعالى.
يجب أن تشاهدوا عزّة الله، أي كونه عزيزاً. ينبغي أن تدركوا هيبته.. لا تحقّروا الله! فالله إذا صَغُر لم تعُد محبّتُه ذات جدوى وإن زاولها! حتى الأطفال لا يذوبون في والديهم حبّاً إلا إذا عَظّموهما.
الأطفال يرون والديهم كبيرين عظيمين بكل معنى الكلمة ثم يستمتعون بمحبة هذه الأم أو هذا الأب الذي "في يده حل كل مشكلة"! يقول الشيخ بهجت(ره): الطفل لا يقلق أبداً بشأن طعام غَدِه. فلو أمكنك أن تسأله ـ إذا استطاع جوابك ـ أن: "لماذا لا تفكّر بطعام غدك؟" لقال: "لأن أمي تطعمني، أبي يوفّر الطعام!" ـ ومن أين يأتي أبوك بالطعام؟ ـ عجباً! ماذا تقول؟! "إنّه على كلّ شيء قدير!" ـ يا هذا، لكن أباك ليس هكذا! ـ كلا.. إنّه أبي.. لذا تراه يتوجّه، بكل بساطة، إلى أمّه قائلاً: أنا جائع! فإن قالت: "ما عندي طعام" لم يفهم معنى "ما عندي" لذا يكررها ثانية: "ماما، أنا جائع.. فأنتِ قوّتي العظمى!" لماذا لا نرى رحمة الله، أو لا نذوقها؟ لأنّ "ربّنا" ليس عظيماً في أنظارنا.

من أين لنا أن نؤمن بعظمة الله؟ بأن نرمي بطرفنا إلى قمّة "دماوند" مثلاً فنقول: "كم هي عظيمة! آه، وكم أنت أعظم يا إلهي إذ شيّدتَ مثل هذه القمم العالية!" ولنتأمّل في نجوم السماء ـ في جو صافٍ خال من الغبار ـ كم هي عظيمة! لا في جو المدينة الملوث، بل في موضع تملأ النجوم السماء، «يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ».
فلنشاهد عظمة الله في الطبيعة. فالإله الذي لا هيبة له لا طعم لمحبّته ورحمته. النساء يقلن أحياناً إذا أردن مصارحة بعضهنّ البعض في السر: "الزوج الذي لا أُبّهة له (لا الأبّهة التي تأتي بالظلم والجبروت) لا تعود في محبّته جدوى أيضاً". والأب الذي لا هيبة له في البيت لا يكون من حبه لبناته وأولاده طائل، وسيشكو أولاده الحرمان العاطفي. ـ يا هذا، أبوك إنسان عطوف جدّاً! ـ لكنه ذليل، فمهما منحَنا من الحب فسيكون باهتاً! ثم إنك إذا تصفّحت آيات القرآن يا عزيزي فسترى أن معظمها غير عاطفي.

فهي تحاول، في الغالب، إقناعك بكون هذا الإله عزيزاً؛ «لَوْ أَنْزَلْنَا هذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ». كان بإمكان الله هنا أن يتحدث بشاعرية وعاطفية أكبر باستخدام ألفاظ أكثر تعبيراً عن الشاعرية في الظاهر، كأن يقول: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لنبتَت فيه الزنابق ولجرَت منه ينابيع الماء العذب!" لكنه تعالى وضع هذه الشاعرية جانباً وتحدّث بجدية وصلابة كبيرة: «لَوْ أَنْزَلْنَا هذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ».
لماذا يفعل الله هذا؟ لأن عليك، أنت، أن تكون عاقلاً. فلتقرأ القرآن، وليعمَل على تصديع جبلِ قلبِك، وسيتدفّق منه ينبوع الماء.

أوَيمكن أن يتصدّع الجبل دون أن يجري نبع الماء؟! فإنه إذا هدم هذا السد، تحوّلَ القلب إلى نهر، بل بحر. عليك، في هذه العلاقة، أن تدرك رحمة الله كي تهبَ هذه الرحمة لروحك الحياة، وتجدّدها. دع ربّك ـ وهو الكبير ـ يعاملك بكبرياء. دعه يأمرك وينهاك: "هذا حرام!".. قتلتَني يا إلهي بعظمتك! "أنا اُدخِل إلى النار.. ولدَيّ عذاب أليم!" فكلّما زاد اعتدادُ الله بنفسه لمستَ أنت رحمتَه أكثر. صدّقني.. ادخل هذا الوادي.. إنها علاقة. إنها بداية علاقة عذبة...!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد