مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

أعظم طريقة لنشر القيم

يحفل تاريخنا الإسلاميّ بشخصيّات عظيمة تجسد تعاليم الإسلام وقيمه وأطروحته الكاملة. وحين نتأمّل في أفضل الطّرق والبرامج المؤثّرة في مجال نشر هذه القيم وترسيخها وتحقيق تلك الأهداف والوصول إليها، لن نجد ما هو أفضل من الشخصيّات المجسّدة لها.

 

هذه هي الكنوز العظيمة التي يمتلكها الدين، وهي التي تمثّل طريقته ونهجه في هداية المجتمعات الإسلاميّة وتدعو البشريّة جمعاء إليه. أي الدعوة من خلال عرض النّموذج الإنسانيّ القدوة والأسوة.

 

ولا شك بأنّ تقديم هذه الشّخصيّات لا يتم عبر بعض الأعمال السطحيّة البسيطة التي تتطلّب إمكانات علميّة أو إعلاميّة عاديّة، وذلك لما تحتويه هذه الشخصيّات من عمق، بل أعماق في المقامات والمعاني، ولما وصلت إليه من عظمة في الدّرجات الإنسانيّة، وبما حوته من شموليّة في شؤون الوجود، وكل ذلك يتطلّب أعمالًا علميّة عميقة ودراسات مستفيضة وبرامج استراتيجيّة تتناسب معها.

 

لقد قدّم العديد من علماء الإسلام ومفكّريه أعمالًا مهمّة في هذا المجال، وتحتوي مكتبتنا الإسلاميّة على مصادر يمكن الاستفادة منها على طريق تحقيق هذه الأهداف والبرامج؛ لكن الحاجة إلى عمل يتناسب مع هذه التطلّعات والأهداف ما زالت مستشعَرة بوضوح.

 

وهذا ما يتطلّب الانتقال من الأعمال التي تتّسم بطابع العموميّة والهواية وقُصر المدى إلى الأعمال الاستراتيجيّة التخصّصيّة التي تأخذ هذه الشخصيّات، كلًّا على حدة، وتعمل على جمع ونقد وتثوير واستخراج كل ما هو موجود في تراثها من أجل إعادة تقديمها بأساليب ووسائل وبرامج وقوالب تتناسب مع حاجات المجتمعات وشرائحها وفهمها وذهنيّتها وبما يتناسب مع الاستحقاقات والتحدّيات والآمال والتطلّعات.

 

يجب أن ننتقل من الأعمال الفكريّة والثقافيّة العموميّة إلى ما يشبه تأسيس المراكز المتخصّصة التي تُعنى بكل شخصيّة من شخصيّات الإسلام المجيد.

 

فليس لدينا لحدّ الآن مركز متخصّص بشخصيّة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، بالرّغم من أنّ عظمة هذا النبيّ الخاتم كفيلة بجذب كلّ البشرية إلى القيم الإلهيّة المجيدة. وليس لدينا مركز متخصّص بشخصيّة سيّدة نساء العالمين، رغم أنّ هذه الإنسانة الكاملة يمكن أن تُسقط كل خطط الشّيطان ضدّ المرأة في العالم.. وهكذا، فيما يتعلّق بأئمّتنا الأطهار عليهم السلام.

 

حين نؤسّس مثل هذه المراكز، فإنّ أوّل الأعمال التي ينبغي أن تقوم بها هو جمع التّراث المتعلّق بكل شخصيّة والعمل على ترويجه ونشره وتعريف المسلمين به عبر مختلف وسائل الإعلان والدعاية. فحين يشتاق مسلم إلى معرفة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله يجد صعوبة في الاطّلاع على هذا التّراث والوصول إليه.

 

اكتب في محرّكات البحث "كتب ودراسات حول النبيّ الأكرم (ص)"، ولن تتمكّن من الوصول إلى الكثير من المصادر المهمّة أو الكتب والدّراسات في هذا المجال. وهذا هو الحدّ الأدنى من الإيمان وأضعفه.

 

وفي المرحلة الثّانية ينبغي دراسة وتقويم هذا التّراث ووضع كل عمل فيه موضعه من حيث الوثاقة والقيمة العلميّة والفائدة والمخاطب والشموليّة و..

 

وفي المرحلة الثالثة، يجب تحديد الحاجات بناءً على هذا التّراث، وتحديد أولويّة الأعمال المطلوبة والدّراسات اللازمة وغيرها من الأمور التي تصب في خدمة التّعريف بالشخصيّة في إطار الأهداف المنشودة.

 

لو جعلنا أعمالنا الفكريّة تدور حول محور شخصيّات الإسلام الأولى، بدل أن تكون متمحورة حول العقيدة والأخلاق والفقه والسّيرة واللغة والعلوم المختلفة، لتغيّر وجه أعمالنا إلى الأبد؛ ومن المتوقّع أن تكتسب أعمالنا إمكانات وقدرات هائلة تعمّ ببركاتها كلّ المعمورة.

 

حسنًا، نحن نفهم مقاصد الآخرين من وراء إخفائهم لشخصيّات الإسلام وأئمّته، ونعلم نفورهم الموروث عن أحلاف الأحزاب، فتلك شنشنة نعرفها من أخزم. ولكن ما بالنا نحن الذين أسّسنا نهجنا على حياة وسيرة وأقوال الشخصيّات العظيمة وعلى قاعدة بموالاتكم علّمنا الله معالم ديننا؟! فلماذا استبدلنا هذا المحور العظيم بمحاور اخترعها أولئك الذين أسقطوا الهالات الكبرى لأجل المساواة بين العظيم والوضيع والمفضول والأفضل؟!

 

إنّنا ندعو كل المهتمّين من أصحاب القرار والإمكانات التي جعلها الله تعالى أمانة بأيديهم إلى إعادة النّظر في كيفيّة مقاربتهم للشأن الأخطر في المجتمع، وهو الشأن الثقافيّ والدينيّ والقيميّ، والالتفات إلى ما منحهم الله تعالى من إمكانات عظيمة مختزنة في شخصيّات الإسلام الكبرى، والتي بواسطتها يمكن تبليغ كل قيم الإسلام وتعاليمه بأكثر الطّرق تأثيرًا وجاذبية.

 

إنّه محورٌ جديد يتطلّب تخصّصيّة وطريقة عمل من نوعٍ آخر..

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد