
الحكيم هو مَن يضع الشيء في موضعه، فحين يقال إنَّ الله تعالى حكيم وإنَّ حكمته مطلقة، فمعناه أنَّه تعالى يضعُ الأشياءَ في مواضعها فليس من فعل يفعله الله تعالى إلا وهو المناسبُ لموضعِه.
ووضعُ الشيءٍ في موضعه يتوقَّف أولاً على العلم بالشيء والعلم بموضعِه المناسبِ له، وحيثُ ثبت أنَّ علمَ الله تعالى مطلق، وأنَّه عالمٌ بكلِّ شيء فهو إذن يعلمُ بالأشياء وبمواضعِها.
ووضع الشيء في موضعه يتوقَّف ثانياً على أنَّه لا يذهل ولا يغفل ولا ينسى، لأنَّه قد يعلم أحدُنا بالشيء وبموضعِه المناسب له ولكنَّه يذهل أو ينسى أو يغفل فيضعُه في غير موضعه، وحيث ثبت أنَّ الله تعالى حفيظٌ لذلك فهو لا ينسى ولا يذهل عن وضع الشيء في موضعه.
ووضع الشيء في موضعه يتوقَّف ثالثاً على القدرة، فالعلم وحده غير كافٍ لوضع الشيء في موضعه، فقد يعلم أحدُنا بالشيء وبموضعه المناسب له ولكنَّه عاجزٌ عن أن يضعه في موضعه، وحيث ثبت أنَّ الله قادرٌ على كلِّ شيء فهو قادرٌ على أنْ يضع كلَّ شيءٍ في موضعه.
وهكذا هو لو كان عالماً وقادراً ولكنَّه ينسى أو يذهل فإنَّه قد يضع الشيء في غير موضعه نسياناً أو ذهولاً وحيث ثبت أنَّه حفيظ لذلك فإنَّه لن يذهل عن أن يضع الشيء في موضعه.
ووضعُ الشيءِ في موضعه يتوقَّف رابعاً على استغناء الفاعل عن أنْ يضع الشيء في غير موضعه، فقد يعلم أحدُنا بالشيء وموضعه المناسب له وهو في ذات الوقت حفيظ، ويقدرُ على ذلك ولكنَّ مصلحته وحاجته تقتضي أنْ لا يضعه في موضعه لذلك يتوقَّف وضع الشيء في موضعه على استغناء الفاعل عن وضع الشيءِ في غير موضعه، وقد ثبت أنَّ الله تعالى مستغنٍ عن كلِّ شيء فهو غير محتاج لشيءٍ وليست له مصلحة في شيءٍ دون شيء.
فوصفُ الله تعالى بالحكيم وأنَّه يضع الأشياء في مواضعها يتوقَّف على علمه المطلق، وحفظه المطلق، وقدرته المطلقة، واستغنائه المطلق، وقد ثبت أنَّه واجد جلَّ وعلا لكلِّ ذلك، ولهذا فهو تعالى حكيم، فكونه حكيماً لا يتوقَّف على كونه غير عابث حتى يقال بلزوم الدور بل يتوقَّف على العلم والحفظ والقدرة والغنى، فلأنه عالمٌ حفيظٌ قادرٌ غنيٌّ لذلك فهو حكيم، فلو وضع شيئاً في غير موضعه فذلك إمَّا لأنَّه جاهلٌ وهو ليس كذلك بل هو عالم، وإمَّا أنَّه ينسى ويغفل وهو ليس كذلك لأنَّه حفيظ، وإما أن يكون ذلك ناشئاً عن عجزه وضعفه وهو ليس كذلك، فهو قادر على كلِّ شيء، وقد يكون وضعه للشيء في غير موضعه ناشئاً عن حاجته، وهو ليس كذلك لاستغنائه عن الحاجة فهو غنيٌ مطلق.
فإثبات كون الله تعالى حكيماً يتوقَّف على إثبات أنَّه تعالى عالمٌ حفيظٌ قادرٌ غنيٌّ وهو جلَّ وعلا كذلك، فإذا ثبت أنَّه حكيم ثبت أنَّه لا يعبث، وبتعبيرٍ أدق إنَّ إثبات كونه حكيماً مساوقٌ لإثبات أنَّه تعالى لا يعبث لأنَّ العبث معناه وضع الشيء في غير موضعه وذلك لا يصدر من الحكيم.
وعليه فيقال إنَّ واحداً من مناشئ صدور القبيح من الفاعل هو العبث والله تعالى منزَّه عن العبث لأنَّه حكيم وقد ثبت أنَّه حكيم لأنَّه عليمٌ وحفيظٌ وقادرٌ ومستغنٍ عن كلِّ شيء.
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم                    
                    
                        السيد عبد الأعلى السبزواري
                    
                        كلام في الإيمان                    
                    
                        السيد محمد حسين الطبطبائي
                    
                        شكل القرآن الكريم                    
                    
                        الدكتور محمد حسين علي الصغير
                    
                        الإسلام أوّلاً                    
                    
                        الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)                    
                    
                        السيد عبد الحسين دستغيب
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (4)                    
                    
                        محمود حيدر
                    
                        معنى (لمز) في القرآن الكريم                    
                    
                        الشيخ حسن المصطفوي
                    
                        التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي                    
                    
                        عدنان الحاجي
                    
                        {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}                    
                    
                        الشيخ مرتضى الباشا
                    
                        أكبر مسؤوليات التربية... منع تسلّط الوهم على الفطرة                    
                    
                        السيد عباس نور الدين
                    
                        اطمئنان                    
                    
                        حبيب المعاتيق
                    
                        الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين                    
                    
                        حسين حسن آل جامع
                    
                        أيقونة في ذرى العرش                    
                    
                        فريد عبد الله النمر
                    
                        سأحمل للإنسان لهفته                    
                    
                        عبدالله طاهر المعيبد
                    
                        خارطةُ الحَنين                    
                    
                        ناجي حرابة
                    
                        هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال                    
                    
                        أحمد الرويعي
                    
                        وقف الزّمان                    
                    
                        حسين آل سهوان
                    
                        سجود القيد في محراب العشق                    
                    
                        أسمهان آل تراب
                    
                        رَجْعٌ على جدار القصر                    
                    
                        أحمد الماجد
                    
                        خذني                    
                    
                        علي النمر
                    
                        (قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
                    
                        مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
                    
                        شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
                    
                        نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم
                    
                        (ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
                    
                        كلام في الإيمان
                    
                        شكل القرآن الكريم
                    
                        الإسلام أوّلاً
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)