ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
وجدت دراسة جديدة أجرتها جامعة مانيتوبا أن تدخين التبغ (السجائر) مقترن بزيادة احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ويمكن لفحص عينة من بول المدخن أن يساعد في التحقق من احتمال إصابته لارتفاع ضغط الدم. قاد الدراسة الدكتور سيتور كونوتسور، Setor Kunutsor، اختصاصي أمراض القلب والأوعية الدموية وأستاذ الطب الباطني، وعضو كرسي أبحاث إيڤلين ويرزيكوڤسكي Evelyn Wyrzykowski في أمراض القلب في كلية ماكس رادي للطب بجامعة ماينتوبا الكندية.
من الجوانب المهمة للدراسة تسليطها الضوء على كيف يُستخدم فحص عينة من البول ليس فقط لتأكيد ما إذا كان الشخص مدخنًا، بل أيضًا لتقييم احتمال إصابته بارتفاع ضغط الدم. هذه الطريقة أصبحت أكثر موضوعية وموثوقية للربط بين التدخين وأمراض القلب والأوعية الدموية، وهذا من شأنه أن يُساعد الأطباء على التعرف على المرضى المعرضين لاحتمال الإصابة بهذه الأمراض وكيفية إدارتها وعلاجها بشكل أفضل.
نُشرت النتائج مؤخرًا في مجلة ارتفاع ضغط الدم البشري (1).
من المعروف جيدًا أن للتدخين علاقة بزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنه طالما كانت العلاقة بين التدخين وارتفاع ضغط الدم موضع نقاش، إذ أسفرت الأبحاث السابقة عن نتائج متضاربة وغير حاسمة، وفقًا للباحثين.
معظم الأدلة المتعلقة بالتدخين وارتفاع ضغط الدم كانت مستفادة من دراسات اعتمدت فقط على حالة التدخين المبلغ عنها ذاتيًّا (من قبل المدخنين أنفسهم) والتي قد تكون غير موثوقة بسبب نقص الإبلاغ أو بسبب انحياز الاستدعاء (صعوبة تذكر المعلومات بدقة (2)). كما أن الدراسات التي استخدمت فحص عينة من بول المدخنين للكشف عن وجود الكوتينين، الناتج عن عملية استقلاب النوكيتين، والمستخدم باعتباره مؤشرًا حيويًّا موثوقًا به على تدخين السجائر (3)). مادة الكوتينين تستخدم لقياس مدى التعرض لدخان التبغ بموضوعية لتقييم للعلاقة بين التدخين وارتفاع ضغط الدم بنحو أكثر دقة.
درس الباحثون بيانات من حوالي 3300 راشد (يتراوح سنّهم بين 32 سنة و 80 سنة) شاركوا في دراسة جماعية في هولندا. لم يكن لدى المشاركين في الدراسة، الذين بلغ متوسط سنهم 49 سنة، تاريخٌ سابق بالإصابة بارتفاع ضغط الدم. وقُيِّمت حالة التدخين لديهم إما بالإبلاغ الذاتي من المدخنين أنفسهم أو من فحص مادة الكوتينين في البول. صنف المشاركون إلى فئات: فئة لم تدخن قط، أو فئة سبق أن دخنت، أو فئة تدخن حاليًا لكن بشكل خفيف (≤ 10 سجائر في اليوم)، أو فئة تدخن حاليًّا لكن بشراهة (> سجائر في اليوم).
خلال فترة متابعة بلغ متوسط طولها سبع سنوات، أصيب أكثر من 800 مشارك بارتفاع ضغط الدم. وكشف التحليل الإحصائي أن الفئة التي تدخن حاليًّا لكن بنحو خفيف أو بنحو شره كانت أكثر احتمالًا للإصابة بارتفاع ضغط الدم، بغض النظر عما إذا كانت حالة التدخين مبلغًا عنها ذاتيًّا أو عْرفت من فحص مستويات مادة الكوتينين في عينات البول.
وجدت الدراسة أن تركيز مادة الكوتينين بلغت أقل من 100 مغ / ليتر في الذين لم يدخنوا قط، و 100 - 500 مغ ٪ ليتر في المدخنين السابقين، و 501 - 1456 مغ / ليتر في المدخنين بنحو خفيف وأعلى من 1456 مغ / ليتر في المدخنين بشراهة.
هذه الدراسة قدمت أدلة رصينة ومعتمدة على أن التدخين الحالي، حتى بمستويات خفيفة، يزيد من احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم.. حددت الإصابة بنوبة ضغط دم عالي بـ ≥ 140 ملم زئبق لـ ضغط الدم الانقباضي، و ≥ 90 ملم زئبق لـضغط الدم الانبساطي.
وجد فريق كونوتسور أن الإبلاغ الذاتي عن حالة التدخين قد قلل من شأن العلاقة التلازمية الحقيقية بين التدخين وارتفاع ضغط الدم، لأن بعض المرضى عادة ما يُقللون من مقدار تدخينهم السجائر، سواءً عن قصد أو عن غير قصد. وقد يكون هذا التصرف مدفوعًا بعدم الرغبة في الاعتراف بعادة غير صحية، مثلًا. ولذلك تُعدّ المقاييس الموضوعية، مثل فحص مادة الكوتينين في البول، مهمة جدًّا لمعرفة الحقيقة، إذ بمقدور هذا الفحص الكشف عن المدى الحقيقي للتعرض لدخان السجائر، حتى حين لا تكون التقارير المبلغ عنها ذاتيًّا غير دقيقة. ومن شأن فحص الكوتينين الروتيني في البول أن يساعد الأطباء على تكوين صورة واضحة وموضوعية عن حالة التدخين، واكتشاف تبعات استنشاق دخان التبغ بصورة غير مباشرة (التدخين السلبي - وهو حين يستنشق شخص غير مدخن دخانًا من مدخن يدخن في الجوار).
ومع ذلك، لاحظ الباحثون أيضًا قيودًا لفحص الكوتينين. على سبيل المثال، في الدراسة، أكثر من نصف المشاركين الذين وُصفوا بأنهم "لم يدخنوا قط" بناءً على فحص البول، اعترفوا، في الواقع، بأنهم كانوا مدخنين سابقين. قد يعكس هذا التناقض استمرار وجود مادة الكوتينين في المدخن من زمن طويل، أو وجود صعوبات في التمييز بين المدخنين السابقين وغير المدخنين تمامًا من استخدام فحص البول وحده.
في الأساس، بالرغم من أن فحص الكوتينين يحسن من دقة النتيجة، إلا أنه ليس خاليًا من عيوب، ولكن ضمه إلى التقارير المبلغ عنها ذاتيًّا يعطي صورة أكثر وضوحًا واكتمالاً.
أفاد الباحثون أنه حتى المدخنين السابقين ما يزالون يواجهون احتمالًا مرتفعًا للإصابة بأمراض القلب الأيضية - مثل أمراض القلب والسكري - مقارنةً بمن لم يُدخنوا قط. لذلك، لا يكفي الاعتماد على فحص مادة الكوتينين وحدها، بل يجب أن يُصاحبه نقاش مُعمّق بين الأطباء والمرضى يتناول عادتهم السابقة في التدخين، بما في ذلك مدة التدخين وكثافته ومتى أقلعوا عنه. من المهم الجمع بين فحص الكوتينين ومناقشة مفصلة مع المريض حول تاريخه التدخيني، وفقًا لفريق البحث، للتوصل إلى المعرفة الحاسمة باحتمال الاصابة بارتفاع ضغط الدم.
وأضاف الباحثون أن التقنيات الناشئة، مثل أجهزة الاستشعار الحيوية القابلة للارتداء، تبشر برصد ومراقبة مستمرة الطويلة الأمد من التعرض لدخان السجائر. ويمكن لهذه التقنيات أن تُحسّن من نتائج الدراسات وإدارة احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ومن هنا تأتي أهمية دمج الفحص المخبري لمادة الكوتينين مع نتائج مقابلات الأطباء المفصلة مع المرضى عن تجارب التدخين السابقة واستخدام تقنيات الرصد الجديدة لتعزيز دقة نتائج الدراسات بشكل كبير وتحسين إدارة مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية في الممارسة السريرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://www.nature.com/articles/s41371-025-01073-x
2- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/انحياز_الاستدعاء
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/كوتينين
المصدر الرئيس
https://news.umanitoba.ca/um-study-confirms-link-between-smoking-and-high-blood-pressure/
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
السيد جعفر مرتضى
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
أثير السادة
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
معنى (جنب) في القرآن الكريم
الحسد والحاسدون
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ}
قرآن المسلمين وتحريف التّوراة والإنجيل!
مهارات التّعامل مع الخلافات الزّوجيّة، محاضرة للطّاهر في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
الحدود الفاصلة بين الإباحية والجمال
العلاقة بين التدخين وضغط الدّم العالي أصبحت مؤكدة علميًّا
بغداد في تدوينات المعتزلي الأخير
معنى (توراة) في القرآن الكريم
أدب النبيّ (ص)