علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. حسن أحمد جواد اللواتي
عن الكاتب :
طبيب وكاتب ومترجم، صدر له كتاب (المصمم الأعظم: قراءة نقدية في كتاب التصميم العظيم للبروفيسور ستيفن هوكنج)، كما ترجم الرواية الفلسفية (البعد الضائع في عالم صوفي) للمؤلف محمد رضا محمد اللواتي ونشرت الرواية في الولايات المتحدة الأمريكية. [email protected]

المبدأ الإنساني والأكوان المتعددة (2)


د. حسن أحمد جواد اللواتي ..

المبدأ الإنساني القوي (كارتر)
"لا بد أن يكون الكون وثوابته بشكل يسمح بإيجاد مراقبين فيه في وقت من الأوقات”، لاحظ أن الضرورة في (لا بد) هنا أيضا غير واضحة في نوعها.
المبدأ الإنساني الضعيف (بارو وتبلر)
جون بارو(5) وفرانك تبلر(6) عالما الفيزياء النظرية والرياضيات والكونيات عبرا عن المبدأ الضعيف بما يلي "القيم الملاحظة للكميات الفيزيائية الكونية مقيدة بما يلزم لتطور حياة مبنية على الكربون بعد فترة كافية من الزمن(1)"
المبدأ الإنساني القوي (بارو وتبلر)
"يجب أن تكون خواص الكون بحيث تسمح بتطور الحياة فيه في مرحلة من الزمن(1)"، ومع أن هذا التعبير مشابه جدا لتعبير كارتر عن المبدأ القوي فإننا نعتقد أن الضرورة المقصودة من خلال كلمة (يجب) في تعبير بارو وتبلر مختلفة عن الضرورة المقصودة في تعبير كارتر من خلال كلمة (لا بد) حيث أن ضرورة كارتر هي ضرورة إثباتية في حين أن ضرورة بارو وتبلر هي ضرورة ثبوتية وهو ما يظهر من تعبير آخر استخدماه كما يلي "يوجد هناك كون واحد ممكن (مصمم بهدف) إيجاد وبقاء المراقبين للكون"


موقف علماء الفيزياء من المبدأ الإنساني
تضاربت مواقف الفيزيائيين من تفسير وتعليل المبدأ الإنساني بحسب الاتجاهات العقائدية لهم ولأن التيار السائد في الفيزيائيين الغربيين هو التيار الإلحادي الذي يرفض مجرد قبول عقلانية فكرة وجود خالق فوق الطبيعة للكون فضلا عن الإيمان به فإنه ليس غريبا أن يتراوح موقفهم من هذا الموضوع بين اللاأدرية وبين البحث عن أي تفسير له رائحة شبه علمية لهذه "المصادفات الكونية"، فأولًا يتشبث أولئك الفيزيائيون بمصطلح "المصادفات الكونية" للابتعاد عن مصطلح "الضبط الدقيق" عند الحديث عن تلك الثوابت الكونية المحيرة والغامضة، وثانيًا يلجئون إلى فرضيات لم تتوفر فيها معايير النظريات العلمية حتى بعد عقود من الزمن من قبيل معيار القابلية للاختبار ومعيار القابلية للتخطئة ومعيار إنتاج تنبؤات قابلة للملاحظة والرصد، وأشهر تلك النظريات هي نظرية الأوتار التي ظهرت في ثمانينيات القرن العشرين ومرت بمراحل من القبول والرفض والإهمال والبحث وتطورت من شكل نظري رياضي لآخر حتى عام 1994 حيث طرح إدوارد ويتين(7) (عالم فيزياء نظرية ورياضيات أمريكي) وباحثون آخرون ما يسمى بنظرية إم وهي سلة من خمسة نسخ مختلفة من نظريات الأوتار كزوايا مختلفة للنظر لنفس الشيء وكما أسلفنا فإن نظريات الأوتار لم تحظ بأي دعم تجريبي منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ولكن المهم هنا أن نظرية الأوتار (أو نظرية إم) (والأفضل في نظري أن تسمى بفرضيات وليس نظريات) تقدم مفهومًا نظريًّا آخر يفترض وجود عدد كبير جدًّا من الأكوان الأخرى غير الكون الذي نعيش فيه (وذلك العدد بالتحديد هو عشرة مرفوعة للأس الرياضي 500 والذي كما تذكر من بداية هذه المقالة هو نفس العدد الذي قلنا أنه يمثل الأشكال المختلفة الممكنة التي كان يمكن أن يكون عليها كوننا في حالة تغير قيم ثوابته الفيزيائية)، ويفترضون أن كل واحد من تلك الأكوان له ثوابت فيزيائية مختلفة عن الأكوان الأخرى وعليه فلا غرابة أن يكون أحد تلك الأكوان الكثيرة جدًّا ذا خصائص فيزيائية متوافقة مع الحياة لأنها مسألة صدفة ليس إلا وليس غريبًا أيضًا أن نجد أنفسنا في ذلك الكون بالتحديد لأن بقية الأكوان لم تسمح بوجودنا.


خلاصة الموضوع
التفسير والتعليل الذي يختاره الكثير من علماء الفيزياء للهروب من الاعتراف بوجود مصمم أعظم للكون وخالق أتقن ضبط خصائصه المحيرة هو افتراض الأكوان المتعددة الذي ليس له أي حظ من التجربة العلمية ولا يتمتع بمعايير النظريات العلمية وهو غير قابل للتجربة والملاحظة والرصد ويستند لفرضيات الأوتار التي مرت عليها ثلاثة عقود ونصف من الزمن بدون دعم تجريبي.
الطريق الذي لجأ إليه علماء الفيزياء هذا يجر العلم في اتجاه مختلف تمامًا فهو يضحي ببنية العلم التحتية القائمة على الرصد والتجربة والملاحظة والاختبار والتنبؤات والقابلية للتخطئة في سبيل دعم عقائد فكرية وفلسفية إلحادية خاصة لدى أولئك العلماء، وهو مؤشر يجب أن ينتبه له الوسط العلمي قبل أن يجد العلم نفسه ضحية التحيز الفكري وعدم النزاهة في البحث.
—---------------------------------
الهوامش
4 Brandon Carter. (n.d.). Retrieved May 21, 2015, from http://en.wikipedia.org/wiki/Brandon_Carter
5 John D. Barrow. (n.d.). Retrieved May 22, 2015, from http://en.wikipedia.org/wiki/John_D._Barrow
6 Frank J. Tipler. (n.d.). Retrieved May 22, 2015, from http://en.wikipedia.org/wiki/Frank_J._Tipler
7 Edward Witten. (n.d.). Retrieved May 22, 2015, from http://en.wikipedia.org/wiki/Edward_Witten

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة