يتصوّر هؤلاء أنّ الله تعالى قد اختصّ رسوله الأكرم ص دون سائر الخلق بالمنزلة الرفيعة، اختصاصاً لا يعلم أحد طريقه ولا مجال لفهمه واستيعابه. وبناءً على هذا الرأي، فلا فائدة من السعي لمعرفة ما قدّمه النبيّ أو قام به قبل بعثته وما التزمه في شبابه حتى وصل إلى ما وصل في نبوته!!
وهذا التصوّر ناشئ من الاشتباه أو عدم الاطلاع على النسبة الوجودية بين عوالم الغيب والشهادة. ولأجل توضيح الأمر بما لا يترك مجالا للّبس والحيرة يجب الالتفات إلى المسائل التالية:
أولاً: إنّ مقام الرسالة يُعد شأناً إلهياً يتعلّق بعالم الدنيا وتدبيراتها؛ وكذلك حال النبوّة؛ وهما أيضاً مقامان اختصاصيان؛ يُعد السعي إليهما خبلا وجهالة.
أما روح الرسالة وباطن النبوة فهما مقامان معنويان تحصيليان ويعبّر عنهما بالولاية التي تحكي عن معنى القرب من الله؛ ومن هذه الجهة فهي مقام معنوي حقيقي بابه مفتوح للجميع؛ والسعي لبلوغه من علامات الإيمان!
ثانياً: جميع الكرامات والكمالات الحقيقية إنما تُنال بفضل القرب من الله أي بسبب الولاية. هذا، سواء أظهرت هذه الكمالات بصورة المعاجز أو الكرامات أم بقيت مخفية باطنة تحت قباب الله، لا يعلم بصاحبها أحدٌ إلا الله تعالى.
ثالثاً: إنّ حقيقة الاختصاص والتخصيص من الله عزّ وجل لا تتنافى مع حكمته ومع نظام الخلق المعبّر عنه عند العارف بالنظام الأجمل والأكمل وعند الحكيم بالنظام الأفضل. فعندما نذكر الاختصاص، لا ينبغي أن نتصوّر أنّ الله تعالى يصدر عنه ما لا يمكن تفسيره أو لا حكمة فيه أو من ورائه لمجرّد أنّنا عجزنا عن فهمه. وبعبارة ثانية، إنّ الاختصاص يجري ضمن نظام الأسباب التي تؤطر كل سلسلة الموجودات وتحكم كل عوالم الوجود ومراتبه. وعليه، عندما نعجز عن تفسير سر تفضيل النبيّ أو الإمام لا ينبغي أن نذهب إلى القول بالاختصاص لمجرّد أنّنا لم نعرف الطريق الذي سلكه أيّ منهما فوصلا إلى ما وصلا إليه!
رابعاً: إنّ عالم الشهادة والملك أو الدنيا هو المرتبة النازلة لعالم الملكوت، ولا يقع في مقابله؛ حتى نقول إما أن يكون هذا الأمر غيباً أو يكون ناسوتاً وشهادة. فما نشهده في عالم الناسوت يُعدّ ظهورَ وتمثلَ ما في عالم الغيب والملكوت. ومن عرف سرّ الرابطة بين الممثّل والمتمثّل استطاع أن يعبر من المظهر إلى الظاهر ومن شهادته إلى غيبه وبالعكس. أجل، لأنّنا لم ندرك هذه الرابطة أو الروابط (التي قد يعبّر عنها بأسرار القدر)، وجدنا أنّ أفضل طريقة هي نعت هذه الأسرار بالغيب المحض.
خامساً: جميع الكائنات، وبالأخص البشر، واقعون تحت حكم الاختصاص الإلهي؛ وهو عبارة عن اتّصال فيضه المقدّس بكل ذرات الوجود. فما من كرامة أو كمال أو قدرة أو عطاء إلا وهو واصل إلى كل ذرّة وخبأ. لكن كيفية استفادة هذا الإنسان أو ذاك من العطاء، ودرجة تحصيل هذا المخلوق أو ذاك للكمال، مجعولة بيده هو. {ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إنّ ربي على صراط مستقيم} هود، 56.
وعليه، فقد تمّت الحجة الإلهية بوصول الفيض إلى كلّ مخلوق. ولا حجّة لأحد على الله تعالى. وما سرّ عظمة الرسول وتفضيله على كلّ الخلق، إلا لأنّه كان الأكثر عبودية والأشدّ تقرّباً وسعياً وجِدّاَ وطاعة ونزاهة، والأسبق من الجميع في أخذ الميثاق. "فعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص): بِأَيِّ شَيْءٍ سَبَقْتَ الْأَنْبِيَاءَ وَأَنْتَ بُعِثْتَ آخِرَهُمْ وَخَاتَمَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِرَبِّي، وَأَوَّلَ مَنْ أَجَابَ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ نَبِيٍّ قَالَ بَلَى، فَسَبَقْتُهُمْ بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ"...
وما من كرامة نالها هذا الإنسان العظيم، إلا بشيء فعله أو نية عقدها (حيث أن نية المؤمن خير من عمله) في عالم الدنيا. وبعبارة أخرى، إنّ اختصاص الله تعالى لهذا النبيّ العظيم قد ظهر في نشأة الطبيعة وعالم الملك بتلك المساعي والأفعال الصالحة التي تفوّق بها على جميع من ذرأ الله تعالى في عالم الدنيا. والأهم من الأفعال هو ما كان في قلبه من نوايا وأمنيات! فسبحان الله ما أعظم برهانه وأوسع رحمته حينما جعل النية الصالحة سبباً للعروج إلى منازل الكرامة، ورفع عن أمّة النبيّ آثار النوايا السيئة ما لم تتحقّق في مقام الفعلية بالقبيح من الأعمال.
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ حسن المصطفوي
السيد عباس نور الدين
الشهيد مرتضى مطهري
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الفيض الكاشاني
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
قول اليهود: يد اللّه مغلولة!
معنى كلمة (سقط) في القرآن الكريم
ما معنى أن تكون كمالات الرسول اختصاصية؟
الإمام الصادق (ع): ثورة العلم ضدّ الظّلم
الإمام الصادق (ع) أستاذ الكلّ
زكي السالم: (احذر لقب البحتري الصّغير أو الحطيئة)
الرسول الأعظم: فاتحة الوجود
استكشاف السلوكيات الإجرامية عند المصابين بالخرف
علم الإمام الصّادق (ع) إلهامي
فترة الشّباب في حياة رسول اللّه (ص)