الشيخ جعفر السبحاني
... إنَّ المتّهمين بالقدرية كانوا دعاة الحرية لا نفاة القضاء والقدر، بل كانوا قائلين بأنّه سبحانه تبارك وتعالى قدّر وقضى، ومع ذلك لم يسلب الاختيار عن الإنسان، فخيّره بين الإيمان والكفر، بين الخير والشر، فلو قدّر الخير فلعلم منه بأنّه يختار الخير عن اختيار، أو قدّر الشر فلعلم منه أنّ الفاعل يختار الشر كذلك، وهو نفس صميم الإسلام ولبّه، قال سبحانه: ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) .([1])
لكن ظهرت في القرن الثاني والثالث حركات رجعية استهدفت أركان الإسلام والعودة بالأُمّة إلى الأفكار الجاهلية الّتي سادت قبل الإسلام، من القول بالجبر والتجسيم، وإليك أبرز ممثلي هذه الحركات الرجعية.
الجهمية:
إنّ سمات الجهمية هي القول بالجبر والتعطيل، أسّسها جهم بن صفوان السمرقندي (المتوفّى 128 هـ).
قال الذهبي: جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهمية في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئاً لكنّه زرع شراً عظيماً .
وقال المقريزي: الجهمية أتباع جهم بن صفوان الترمذي، مولى راسب، وقتل في آخر دولة بني أُميّة، وتتلخّص عقائده في الأُمور التالية:
1-ينفي الصفات الإلهية كلّها، ويقول: لا يجوز أن يوصف الباري بصفة يوصف بها خلقه .
2-إنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالقدرة ولا بالاستطاعة .
3-إن الجنة والنار يفنيان وتنقطع حركات أهلهما.
4-إنّ من عرف الله ولم ينطق بالإيمان لم يكفر، لأنّ العلم لا يزول بالصمت وهو مؤمن مع ذلك.
وقد كفّره المعتزلة في نفي الاستطاعة، وكفّره أهل السنّة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية.
5-وانفرد بجواز الخروج على السلطان الجائر.
6-وزعم أنّ علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره. ([2]) أقول: الظاهر أنّ قاعدة مذهبه أمران :
الأوّل: الجبر ونفي الاستطاعة، فجهم بن صفوان رأس الجبر وأساسه ويطلق على أتباعه الجبرية الخالصة في مقابل غير الخالص منها.
الثاني: تعطيل ذاته سبحانه عن التوصيف بصفات الجلال والجمال، ومن هنا نجمت المعطّلة .
وأمّا غير هذين الأمرين فمشكوك جداً .
التطورات الّتي مرّ بها مفهوم الجهمي:
لمّا كان نفي الصفات عن الله والقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ممّا نسب إلى منهج الجهم، صار لفظ الجهمي رمزاً لكلِّ من قال بأحد هذه الأُمور، وإن كان غير قائل بالجبر ونفي القدر، ولأجل ذلك ربّما تطلق الجهمية ويراد بها المعتزلة أو القدرية، يقول أحمد بن حنبل :
والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أخبث من الأوّل، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. ([3])
________________________________________
[1] . الكهف: 29 .
[2] . الخطط المقريزية: 3 / 349 ; ولاحظ ص 351 .
[3] . السنّة : 49 .
حيدر حب الله
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
أزمة الحبّ والإيمان (1)
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (2)
من مؤشّرات الوهن العام
الإمام الرضا: نفحة من الشّذا الفاطمي
الإمام الرضا (ع) عالم آل محمد، جديد الشّيخ عبدالله اليوسف
حقيقة مهمّة: إنّ الإمام الرّضا (ع) يحبّك، يعرفك، وهو يدعو لك!
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (1)
نحن والغرب، بحثًا عن روح التقدم والتفوق
نظرات عامة في القيادة والإدارة، جديد الكاتب أمير موسى بوخمسين
زكي السالم: الموهبة بين الظّنّ فيها والضّنّ بها