
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
اسمه (عبد العزى) وكنيته (أبو لهب) وقيل إنه كّني بذلك لحمرة كانت في وجهه.
وامرأته (أم جميل) أخت أبي سفيان، وكانت من أشّد الناس عداوة وأقذعهم لسانًا تجاه النبي (ص) ودعوته.
وفي الرّواية عن (طارق المحاربي) قال: بينما أنا بسوق ذي المجاز إذا بشاب يقول: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) وإذا برجل خلفه يرميه قد أرمى ساقية وعرقوبيه ويقول: يا أيّها النّاس إنه كذاب فلا تصدقوه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هو محّمد يزعم أنّه نبي، وهذا عمّه أبو لهب يزّعم أنه كذاب.
وفي رواية عن (ربيعة بن عباد) قال: كنت مع أبي أنظر إلى رسول الله (ص) يتبع القبائل، ووراءه رجل أحول وضيء الوجه.يقف رسول الله (ص) على القبيلة فيقول: (يا بني فلان إني رسول الله إليكم آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذ عن الله ما بعثني به) وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه: يا بني فلان هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تسمعوا له ولا تتبعوه، فقلت لأبي من هذا؟ قال: عمّه أبو لهب.
أبو لهب يتتبع النبيّ كالظل:
كلما جاء وفد إلى النبي(ص) يسألون عن عمّه أبي لهب-اعتبارًا بكبره وقرابته وأهميته- كان يقول لهم: إنه ساحر، فيرجعون ولا يلقونه، فأتاه وفد فقالوا: لا ننصرف حتى نراه، فقال: إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبًا له وتعسًا.
إنّ أبا لهب كان يتتبع النبي(ص) غالبًا كالظل. وما كان يرى سبيلاً لإيذائه إلاّ سلكه. وكان يقذعه بأفظع الألفاظ. ومن هنا كان أشذّ أعداء الرسول والرسالة. إنّه الوحيد الذي لم يوقع على ميثاق حماية بني هاشم للرسول(ص) ووقف في صف الأعداء، واشترك في عهودهم.
تبت يدا أبي لهب:
عن أبن عباس قال: عندما نزلت ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾(1) أمر النبي(ص) أن ينذر عشيرته ويدعوهم إلى الإسلام (أي أن يعلن دعوته).
صعد النبي(ص) على جبل الصفا ونادى: (يا صباحاه) -وهو نداء يطلقه العرب حين يهاجمون بغتة كي يتأهبوا للمواجهة، وإنما اختاروا هذه الكلمة لأن الهجوم المباغت كان يحدث في أوّل الصبح غالبًا-.
عندما سمع أهل مكة هذا النداء قالوا: من المنادي؟ قيل: محمد. فأقبلوا نحوه وبدأ ينادي قبائل العرب بأسمائهم، ثم قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدوّ مصبحكم وممسيكم، أما كنتم تصدقوني.
قالوا:بلى
قال: فإني نذير لكم من بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب: تبًّا لك لهذا دعوتنا جميعًا؟!
فأنزل الله سورة المسد.
والقرآن يرد على هذا الإنسان البذيء ويقول له: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾(2) ، فليس بإمكان أمواله أن تدرأ عنه العذاب الإلهي ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾(3)
من الآية الأولى نفهم أنّه كان ثريًا ينفق أمواله في محاربة النبي(ص)، وأبو لهب ناره ذات لهب يصلاها يوم القيامة، وقيل: يصلاها في الدنيا قبل الآخرة.
حمّاله الحطب:
﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾(4)
القرآن الكريم يتحدث عن أم جميل امرأة أبي لهب وأخت أبي سفيان وعمّة معاوية، ويصفهّا بأنّها تحمل الحطب كثيرًا وفي رقبتها حبل من ليف النخيل.
(مسد) هو الحبل المفتول من الألياف وقيل: حبل يوضع على رقبتها في جهّنم له خشونة الألياف وحرارة النار وثقل الحديد.
وقيل: إنّ نساء الأشراف كن يرين شخصيتهنّ في وسائل الزينة وخاصة القلادة الثمينة والله سبحانه وتعالى يُلقي في عنقها يوم القيامة حبل من ليف للإهانة. أو إن التعبير أساسًا للتحقير والإهانه. وقيل: إنّ هذه العبارة تشير إلى أن أم جميل أقسمت أن تنفق ثمن قلادتها الثمينة على طريق معاداة الرسول (ص) ولذلك تقرر لها هذا العذاب.
عبر في عاقبة أبي لهب:
جاء في الروّاية، أنّ أبا لهب لم يشترك في بدر، بل أرسل من ينوب عنه، وبعد اندحار المشركين وعودتهم إلى مكة، هرع أبو لهب ليسأل أبا سفيان عن الخبر، فأخبره أبو سفيان بالهزيمة وقال: (وأيم الله ما لُمت الناس، لقينا رجالاً بيضًا على خيل بلق بين السماء والأرض...) قال أبو رافع (مولى العباس) وقد كان جالسًا: تلك الملائكة، فرقع أبو لهب يده فضرب وجهه ضربة شديدة ثم حملّه وضرب به الأرض، ثم برك عليه يضربه وكان رجلاً ضعيفًا.
وما أن شهدت أم الفضل (زوجة العباس) وكانت جالسة أيضًا ذلك حتى أخذت عمودًا وضربت أبا لهب على رأسه وقالت: تستضعفه إن غاب عنه سيّده؟! فقام موليًا ذليلاً.
قال أبو رافع: فو الله ما عاش إلاّ سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (مرض يشبه الطاعون) فمات. وقد تركه أبناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفناه حتى نتن في بيته.
فلما عيّرهما الناس بذلك أخذ وغُسل بالماء قذفا عليه من بعيد، ثم أخذوه فدفنوه بأعلى مكة وقذفوا علية الحجارة حتى واروه.
1- الشعراء/214
2-المسد/1-2
3- المسد/3
4- المسد/4-5
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الصدقات وعجائب تُروى
عبدالعزيز آل زايد
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
صفة الجنة في القرآن الكريم
الشيخ محمد جواد مغنية
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
محمود حيدر
معـاني الحرّيّة (4)
الشيخ محمد مصباح يزدي
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
النسيان من منظور الفلسفة الدينية (2)
الشيخ شفيق جرادي
(مفارقة تربية الأطفال): حياة الزّوجين بحلوها ومرّها بعد إنجابهما طفلًا من منظور علم الأعصاب الوجداني
عدنان الحاجي
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ!
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الصدقات وعجائب تُروى
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
صفة الجنة في القرآن الكريم
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
معـاني الحرّيّة (4)
عبير السّماعيل تدشّن روايتها الجديدة (هيرمينوطيقيّة أيّامي)
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
معنى (منى) في القرآن الكريم
ثلاث خصال حمدية وثلاث قبيحة