الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
تعلّم من داوود:
نبي الله داوود (ع) أحد كبار أنبياء بني إسرائيل وحاكمًا لدولة كبيرة، وقد ورد ذكر مقامه العالي في عدّة آيات بيّنات من القرآن الكريم.
وكان يتمتّع بقوة جسدية مكّنته من أن يقتل الطاغية جالوت بضربة قويّة واحدة بواسطة حجر رماه من مقلاعه على جالوت، فأسقطه من فرسه مضرّجًا بدمه خلال إحدى المعارك.
وقال البعض: إن الحجر مزّق صدر جالوت وخرج من ظهره.
أمّا من حيث قدرته السياسية، فقد كانت حكومته قويّة ومستعدّة دائمًا لمواجهة الأعداء، بكل قوّة واقتدار، حتى قيل أن الآلاف من جنده كانت تقف على أهبة الاستعداد من المساء حتى الصباح في أطراف محراب عبادته.
ومن حيث قدرته الأخلاقية والمعنوية والعبادية، فإنه كان يقوم معظم الليل في عبادة الله، ويصوم نصف أيام السنة.
وأمّا من حيث النعم الإلهيّة، فقد أنعم عليه الباري عزّ وجلّ بالكثير من النعم الظاهرية والباطنيّة.
خلاصة الحديث، إنّ داوود كان رجلاً ذا قوة وقدرة في الحروب والعبادات والعلم والمعرفة وفي السياسة، وكان أيضًا صاحب نعمة كبيرة.
نعم الله على داوود:
القرآن الكريم يشرح أنواعًا من تلك النعم، قال تعالى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾.
كذلك سخّرنا له مجاميع الطيور كي تسبّح الله معه ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً﴾.
فكل الطيور والجبال مسخّرة لداوود ومطيعة لأوامره، وتسبّح معه الباري عزّ وجلّ، وتعود إليه ﴿كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ﴾.
ومع إن كل ذرّات الوجود تذكر الله وتسبّح بحمده، سواء أسبَّحَ داوود (ع) معها أو لم يسبِّح، ولكن الميزة التي خُصّ بها داوود هي أنه ما أن يرفع صوته ويبدأ التسبيح، إلاّ ويظهر ما كان خفيًّا وكامنًا في الموجودات، وتتبدّل الهمهمة الباطنة إلى نغمة علنية منسجمة، كما ورد في الروايات من تسبيح الحصاة في يد الرسول الأكرم (ص).
وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) عند ذكره لقصة داوود (إنه خرج يقرأ الزبور، وكان إذا قرأ الزبور ولا يبقى جبل ولا حجر ولا طائرًا إلا أجابه).
وبعد ذكر هذه الفضيلة المعنوية، يذكر القرآن فضيلة ماديّة أخرى فيقول: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾.
يمكن القول بأن الله تعالى علّم داوود – إعجازًا – ما استطاع بواسطته تليين الحديد حتّى يمكنه من صنع أسلاك رقيقة وقويّة لنسج الدروع منها، أو أنه كان قبل داوود يستفاد من صفائح الحديد لصناعة الدروع والإفادة منها في الحروب، ممّا كان يسبّب حرجًا وإزعاجًا للمحاربين نتيجة ثقل الحديد من جهة، وعدم قابلية تلك الدروع للانحناء أو الالتواء حين ارتدائها، ولم يكن أحد قد استطاع حتى ذلك اليوم نسج الدروع من أسلاك الحديد الرفيعة المحكمة، ليكون لباسًا يمكن ارتداؤه بسهولة والإفادة من قابليته على التلّوي والانحناء مع حركة البدن برقّة وانسياب.
ولكن ظاهر القرآن يدلّل على أن ليونة الحديد تمّت لداوود بأمر إلهي، فما يمنع الذي أعطى لفرن النار خاصية إلانة الحديد، أن يعطي هذه الخاصية لداوود بشكل آخر.
إن الله أوحى إلى داوود: نعم العبد إلا أنك تأكل من بيت المال، فبكى داوود أربعين صباحًا، فألان الله له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعًا فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمائة وستّين درعًا فباعها بثلاثمائة وستين ألفًا فاستغنى عن بيت المال.
على كل حال، فإن داوود وجّه هذه القدرة التي وهبها إيّاه الله في أفضل الطرق وهي صناعة وسائل الجهاد والدفاع ضدّ الأعداء، ولم يحاول الاستفادة منها في صناعة وسائل الحياة العادية، وعلاوة على الاستفادة من دخله منها في تصريف أمور حياته المعيشية البسيطة، فقد هيّأ جزءًا منه للإنفاق على المحتاجين. وفوق كل هذا فقد كان عمله بحدّ ذاته معجزة ارتبطت به.
وآخر نعمة إلهية أُنعمت على داوود هي تمكنّه من القضاء والحكم بصورة صحيحة وعادلة ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾.
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد عادل العلوي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ فوزي آل سيف
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(المعتزلي الأخير وسقوط بغداد) جديد الكاتب محمّد الخبّاز
حقيقة الأفعال الخارقة للعادة
أمسية لنادي صوت المجاز حول جماليّات السّرد وتحوّلات الرّواية في الخليج العربيّ
لأول مرة يتم كشف بنية وخلل بروتين باركنسون
نشر الخلق الحسن فلسفة نبويّة
هل نملك تاريخاً؟!
الاقتصاد بين الإسراف والتقتير
علوم مختّصة بالله
(تهذيبُ الأحكام) لشيخ الطّائفة، أبي جعفر الطّوسيّ
(التجربة الرّوائيّة بين الرجل والمرأة) أمسية أدبيّة في الدمّام