قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عبد الأعلى السبزواري
عن الكاتب :
السيد عبد الأعلى السبزواري، من أكابر علماء الشيعة الإمامية، ولد في الثامن عشر من ذي الحجّة ١٣٢٨ﻫـ في سبزوار بإيران، بدأ دراسته للعلوم الدينية في مسقط رأسه، ثمّ سافر إلى مشهد، ثمّ انتقل إلى النجف الأشرف التي استقرّ بها حتّى وافاه الأجل، مشغولاً بالتدريس والتأليف وأداء واجباته الدينية. من مؤلفاته: مواهب الرحمن في تفسير القرآن، تهذيب الأصول، لباب المعارف، جامع الأحكام الشرعية، وسوى ذلك الكثير. تُوفي في 27 صفر سنة 1414 بالنجف الأشرف، وشيع جثمانه من حرم أمير المؤمنين (ع)، ودفن بمسجده الذي كان يقيم فيه صلاته ويلقي فيه بحثه ودرسه.

خصائص الأخلاق في القرآن الكريم

الأولى:

 

أن في الإنسان انبعاثاً داخلياً فطرياً إلى الأخلاق، يساير جمع مراحله يمكن التعبير عنه به (الحاسة الأخلاقية)، التي يميز بها بين الخير والشر، كما يميز بالحاسة الجمالية المودعة فيه بين الجميل والقبيح، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس : 7، 8]. ومن هذه الحاسة الخلقية نستطيع أن نؤسس القواعد الخلقية والقانون الأخلاقي العام.

 

ولكن قد يلقى هذا النور الباطني الفطري موانع توجب طمسه، وهي كثيرة، مثل العادات، والوراثة، والبيئة، وشواغل الحياة المادية، بل إن نفس القواعد الخلقية الفطرية لم تكن كافية في إرضاء الجمع، بحيث تكون قاعدة عامة تجلب رضاء الكل، ولهذا كان لا بد من بعث الأنبياء ذوي النفوس المصطفاة، الملهمة بالوحي، ليثيروا للناس دفائن العقول، ويزيلوا الغشاوة عن النور الفطري، ويكملوا ما كانوا يحتاجون إليه في إكمالهم، فكان نور الوحي الإلهي مكملاً لنور الفطرة التي أودعها الله في الإنسان، فكان "نور على نور".

 

الثانية:

 

أن القواعد الخلقية هي تلك القواعد التي تخاطب الضمير الإنساني، ويرغب إليها الإنسان لأجل الحقيقة ذاتها وأهميتها الخلقية، فهي لم تكن غريبة عليه ، فكانت لها صفة الإلزام ، قال تعالى: {الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14، 15]، ويظهر ذلك بوضوح في تلك الآيات القرآنية التي ترجع الإنسان إلى عواطفه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات : 13]، وقال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات : 12].

 

الثالثة:

 

إن القرآن الكريم يقرر أن الإنسان مسؤول عن عمله، فقد أظهر فكرة المسؤولية الأخلاقية الفردية والاجتماعية بالمعنى الكامل، قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم : 39]، وقال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام : 164]، فكل شخص مسؤول بالشروط المقررة عن أفعاله الخاصة، الشعورية، والإرادية، كما أنه فرد من مجتمع يحمل جانباً من المسؤولية الاجتماعية.

 

الرابعة:

 

أن الإنسان حرّ في اختيار أفعاله الإرادية، ولا شيء - سواء كان داخلياً أو خارجياً - يستطيع إرغامه وسلب حريته، قال تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة : 284]،  وقال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب : 54]، بل يعتبر القرآن أن أساس المسؤولية هي الحرية... وقد تنبه إلى ذلك الفيلسوف الغربي (كانت) بقوله: (يستحيل علينا أن نتصور عقلاً في أكمل حالات شعوره، يتلقى بشأن أحكامه توجيهاً من الخارج.. فإرادة الكائن العاقل لا تكون إرادته التي تخضه بالمعنى الحقيقي، إلا تحت فكرة الحرية).

 

الخامسة:

 

الجزاء الأخلاقي، وفقاً للقانون أن كل مسؤولية لا بد لها من جزاء. وقد بين القرآن الكريم أن كل عمل له جزاء خاص يلائمه....  

 

السادسة:

 

النية وأن كل عمل لا بد له من نية، وإعطاء الأهمية للنية والبواعث الكامنة في النفس وراء العمل، ويعتبر أن قيمة كل عمل تدور مدار شدة التنزه، وأن الهدف من كل عمل هو ابتغاء وجه الله تعالى.

 

السابعة:

 

أن كل عمل لا بد أن يقرن بالاعتقاد، كما هو ظاهر الآيات الشريفة التي يقرن فيها بين الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [سبأ : 4]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت : 9].

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد