مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

تعالوا نرتقي بهمومنا!

 

السيد عباس نور الدين
لما كان الهمّ نابعًا من الاهتمام الممتزج بالقلق، ولمّا كان الهمّ أمرًا طبيعيًا في سنّة الكون ونظام الحياة الدنيا، فسوف يكون عنصرًا مفيدًا إن ارتبط بالنظام الكوني الأعلى. 
ويعني ذلك أن الطبيعة العامة لنظام الحياة الأرضية وما فيها من تحوّلات واحتمالات يجعل الإنسان مهتمًّا وقلقًا. لكن هذا الهمّ إذا ارتبط بالأمور الكبرى، فسوف يكون عاملًا مفيدًا للإنسان يحمله على السعي والكدح والمصابرة والبذل والتحرّك والجهاد. وكل هذه الأفعال هي أساس تكامل الإنسان ورقيّه.
هذا الكون، وإن كان يسير نحو غاية محددة، لكنه أثناء سيره هذا قد يسلك منعطفات عدة. أجل، في النهاية سيتحقق ما يريده الله (وهو العاقبة الحسنى)، لكن قد تتأخر هذه العاقبة مدة طويلة. وأثناء هذه المدة قد يُعاني الإنسان أشد المعاناة. وبإمكان هذا الإنسان أن يسلك الطريق المختصر، بدل الضياع في السبل البعيدة والطرقات الملتوية.
هذا ما يجعل همّنا ذا نتيجة طيبة. لأنّنا بواسطة هذا الهمّ نبحث عن السبيل الموصل والصراط القاصد. وهذا هو أحد أهم أسرار وجود الإنسان على هذه الأرض. ولولا هذا الإيمان بالقدرة على تحديد المصير وتغييره، لما كان للحياة من معنى.
بدل أن تحصر همومك بالأمور المعيشية والشؤون المادية للحياة، يمكنك أن تتصل بتفكيرك وبحثك بالقوانين الكبرى التي تحكم هذه الشؤون المحدودة. فحين ترتقي بهمومك واهتماماتك، ستحيط بحياتك المادية والدنيوية وتهيمن عليها. وحين ذاك تزول همومها وما تجلبه من قلق واضطراب. وتدرك معها أنها تخضع لقوانين واضحة يمكنك أن تتحكم بها.
ولكي تتحكّم بهذه القوانين ما عليك سوى أن تنشغل بهموم أعلى وأرقى.
فعلى سبيل المثال، نجد في الوصايا الشريفة لأهل بيت العصمة والطهارة أن كل إنسان يسعى وراء رزقه إلّا طالب العلم فإن رزقه يسعى وراءه. ونستفيد من هذا الحديث الشريف أن طالب العلم لمّا شغل باله واهتم بما هو أعلى من الرزق المادي، سيطر على قانون المعيشة والرزق المادي وجعله في قبضته، يتحكم به بحسب اهتمامه بالعلم وإخلاصه في طلبه.
وهكذا المهاجر في سبيل الله، فقد جاء في الأحاديث أن الله تعالى يكون خليفته في أهله ويتكفّل أمر عياله. وهل هناك ما هو أجمل وأفضل من أن يكون الله متكفّلًا بشؤون الإنسان وعائلته؟!
فالمطلوب هو الارتقاء بالهموم، لا القضاء عليها. فلا حياة مستقيمة دون هموم. وحين يرتقي الإنسان بمستوى همومه، يكتشف اللذة الواقعية في هذه الاهتمامات، لأنّها ستكون أفضل محرك له نحو الكمال.
لقد روي أن من يعبث بلحيته فهو مهموم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعبث بلحيته. فما هي تلك الهموم التي كانت تشغل بال هذا النبي العظيم؟
كل ما نعرفه أن بعض هذه الهموم قد انتقلت إلينا عبر تلك الأدعية والمناجاة التي كان هؤلاء الأطهار يبثّون فيها شكاواهم وهمومهم وغمومهم إلى ربّ العالمين الذي بيده كل قوانين الوجود.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد