قد لا تكونون سمعتم أنّ عيد الغدير ليس يومًا واحدًا بل ثلاثة أيّام! والسّبب بحسب العلماء، أنّ ثلاثة أيّام مضت حتّى تمكّن النّاس جميعًا من مبايعة الإمام أمير المؤمنين (ع) في واقعة الغدير، بمن فيهم النّساء اللّواتي حضرن في ذلك اليوم. بايعنه امرأة امرأة! لا من بعيد، ولا بترديد الصّلوات، أو قول لبّيك، بل بطريقة خاصّة!
كيف بايعت النّسوة أمير المؤمنين (ع)؟
النّساء بايعن الإمام (ع) امرأة امرأة، بالضّبط كما الرّجال، مع فارق أنّ الرّجال كانوا يبايعون الإمام (ع) بمصافحته، أمّا النّساء، وبسبب حرمة المصافحة، فقد فعلن ذلك بطريقة خاصّة ولافتة، الطّريقة التي أمر بها نبيّنا الكريم (ص)، أمر أن يأتوا بإناء ماء فيضع الإمام عليّ (ع) يده في إناء الماء، وكلّ امرأة تأتيه لمبايعته، تضع يدها في الماء من النّاحية الأخرى، وتسلّم عليه باسم "أمير المؤمنين" وتبارك له، واحدة واحدة، حتّى آخر امرأة!
من هنا نفهم نظرة الإسلام إلى المرأة
في يوم الغدير، باعتباره أكثر مراحل تاريخ الإسلام حرجًا، واليوم الذي كمُل فيه الدّين، جسّد النبي (ص) نظرة الإسلام إلى المرأة على أرض الواقع. فليس أنّ الإسلام لا يعارض نشاط المرأة في المجال الاجتماعيّ والسياسيّ فحسب، بل إنّه أحيانًا يوجب عليها أداء دورها في مثل هذه النّشاطات، فهو يقدّم للبيعة الرّمزيّة أيضًا، طريقة مبتكرة لكي لا يضيع حقّ أحد. إذ كان بإمكان النّبيّ (ص) أن يقول: باستطاعة النّسوة أن يقلن: "لبيّك" من بعيد، أو يعلنّ البيعة جماعيًّا، لكنّه (ص) لم يفعل ذلك، وهذا يستبطن رسالة مهمّة وعميقة المغزى.
لحظة تاريخيّة في حياة البشريّة
البيعة قضيّة سياسيّة، وإنّ مشاركة النّسوة في تلك البيعة، يعني أنّهنّ سجّلن مشاركة جادّة وفاعلة، جنبًا إلى جنب مع الرّجال، في اللّحظات الأولى من تاريخ البشريّة، ففي تلك الأجواء التي كانت مليئة بالأفكار التي تزدري المرأة، كشف الإسلام أمام جميع الحضارات عن نظرته الرّاقية والحقيقيّة إلى المرأة. على أنّ تلك النّظرة المزدرية للمرأة لم تقتصر على تلك الحقبة، بل إنّ معظم الدّول تتبجّح بحقوق المرأة، حتّى القرن التاسع عشر الميلاديّ، لم يكن للمرأة حقّ الإدلاء بصوتها في الانتخابات!
ليس هو حقًّا فحسب، بل واجب!
في عصرنا الحاضر أيضًا، ومع تغيّر الظّروف والاعتراف رسميًّا بهذا الحقّ، فإنّ مشاركة المرأة في القضايا السّياسيّة عمومًا دون المستوى المطلوب، وهذا بالطّبع وليد عوامل مختلفة، ومحصّلته ما نشاهده في الظّرف الرّاهن، من أنّ معظم النّسوة ما زلن يتصوّرن أنّه لا واجب عليهنّ في هذا المجال.
لكنّ نظرة الإسلام في هذه القضيّة مختلفة، فهو لا ينظر إليها بصفتها حقًّا للمرأة فحسب، بل يرى أنّ واجب المرأة والرّجل في هذا المجال سواء، وإنّ من لوازم البيعة، الوعي السّياسيّ ومعرفة التّكليف، ومن ثمّ تشجيع الآخرين على فعل الخير.
مبارك! نحن أيضًا مسؤولون!
بيعة الرّجال والنّساء جميعًا يوم الغدير تشير إلى أنّنا جميعًا، بغضّ النّظر عن جنسنا، مسؤولون عن نصرة وليّ الله، فالبيعة تعني أنّني مسؤول، تعني أنّ لي دورًا. إذًا يوم الغدير ليس هو عيد تحمّل أمير المؤمنين (ع) مسؤوليّة الولاية على الأمّة الإسلاميّة فحسب، بل لقد حمّل رسول الله (ص) المسلمين المسؤوليّة فردًا فردًا، ونحن أيضًا اكتسبنا هذا الفخر، بأن قبلنا مسؤوليّة نصرة أمير المؤمنين (ع)، والمشاركة في إدارة شؤون المجتمع.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد جعفر مرتضى
محمد رضا اللواتي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد صنقور
السيد علي عباس الموسوي
د. سيد جاسم العلوي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
قصة أصحاب الكهف في القرآن
إحياء الموسم الحسيني... حياة
دقائق في القرآن هي روائع في التعبير (6)
الفجوة بين عمر الدماغ الزمني والبيولوجي وتأثيرها على التفكير والذاكرة
الحالة العامة في معسكر الأعداء (2)
زكي السالم: جرّب أن تكون اللّغة آخر همّك
الصبر والثبات في أيام الشدّة
سؤال عن أخلاق مرحلة (ما بعد الإنسانية)
كيف نواجه الأزمات والابتلاءات؟
رحلة إلى بلاد الألف ملّة