مقالات

التوحيد يقتلع جذور الخوف من غير الله تعالى

الإمام الخامنئي "دام ظلّه"

 

نقف عند إحدى الخصائص النفسيّة للتوحيد وهي اقتلاع جذور الخوف من غير الله سبحانه: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران: 175).

 

فالمؤمن الموحّد العارف بقدرة الله تعالى لا يساوره خوف.

 

حين أتأمّل في حياة البشرية قديمها وحديثها أرى أنّ الخوف عامل ضياع دنيا الناس وآخرتهم.

 

الخوف من الفقر يؤدي إلى شحّ النّفس وعدم الإنفاق، الخوف من انتهاء أيام العمر والطمع في البقاء لأيام أكثر قد يؤدي إلى فناء حياة كثيرين، وإلى شقاء الحياة البشرية.

 

حين نطالع المآسي والجرائم في حياة البشر، حين ندرس سبب قلّة أنصار الحق، وإعراض الناس عن الحقّ حتى بعد أن عرفوه، نرى أن جذور كل ذلك تكمن غالبًا في الخوف.

 

لقد واجهت المسيرة الإسلامية في تاريخها انحرافات كان وراءها الابتعاد عن الموقف الرسالي بسبب عامل الخوف.

 

كان المسلمون في القرن الأول على علم بشخصية علي بن أبي طالب (ع) وبشخصية معاوية بن أبي سفيان، فما الذي ألجأ من لجأ إلى معاوية ليحارب عليًّا؟ إنه الخوف.

 

من الذي ألجأ جماعة من الناس ليكونوا متملّقين لسلطان بني أمية وبني مروان؟ إنه الخوف...

 

ولذلك ورد في المأثور عن الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) قوله: "وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمُرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ، فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ".

 

بالمناسبة أدعو أن تنظروا إلى المأثور من الدعاء بنظرة متعمّقة متفهّمة، وأن لا تستهينوا بعظمة هذا المأثور وعطاءه الإنساني والتربوي.

 

أمعنوا النظر في هذا الدعاء، إنه يوجّه الإنسان ليقوّم عمره على أساس طاعة الله، ففي هذه الطاعة تكون للعمر قيمة، أما إذا كان مرتعًا للشيطان فلا فائدة فيه.

 

والشيطان -كما ذكرنا- قوّة شرّيرة تريد أن تدفع الإنسان والبشرية إلى الانحراف والرذيلة والموبقات.

 

لا فائدة من عمري إذا كان وسيلة لاستفادة الشيطان، لا فائدة منه إذا استثمره أعداء جبهة الله، وإذا استغله هؤلاء الأعداء لمصالحهم واتخذوني حربة وآلة لجرائمهم، لا فائدة من عمري إذا نفذ الشيطان من ثغرات جهلي وغروري وتكبري "فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد