لن يجد العالم أنقى من راية الحسين (عليه السلام)
الحسين (عليه السلام) نقدّمه لعالم المسلمين مشروعَ وحدة ومشروع إصلاح، ألم يقل الحسين (عليه السلام) لجيش أمية: انسبوني من أنا؟ ألستُ أنا ابن بنت نبيكم وابن وصيِّه؟ أليس حمزة سيد الشهداء عمَّ أبي؟ أليس جعفر الطيار عمي؟.
ـ لماذا كان يقول هكذا؟
ـ لكي يقول لهؤلاء: إنني في موقعي ينبغي أن أكون محوراً يلتف حوله المسلمون جميعاً، فأنا نقطة اشتراك، وأنا نقطةٌ لا ينبغي أن يختلف عنها أحد، لا هذه الطائفة ولا تلك الطائفة، فإنني أنا ابن رسول الله، أنا ابن مؤسس هذه الدولة وهذه الديانة، وهذه الدعوة، ولذلك فإنني مرشَّحٌ لأنْ أكونَ محورًا يلتفُّ حولي جميعُ الناس.
في زماننا هذا العالم الإسلامي كلُّه ينادي بالإصلاح ويريده، الإصلاح في السياسة وفي الثقافة الدينية وفي الوضع الاجتماعي.
لن يجد العالم الإسلامي رايةَ إصلاح أنقى وأصفى وأولى بالاتباع من راية الحسين (عليه السلام) الذي يقول: إنما خرجت لطلب الإصلاح، إنما هنا للتحديد وللقصر، يعني لا يوجدُ أيُّ غرضٍ عندي إلا غرضَ الإصلاح.
وإذا خُضتُ صِراعاً مع يزيد فأنا لم أكن راغباً في القتال ولم أكن راغباً ولا مبادراً في المواجهة.
وهكذا كان حالُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه لم يبدأ بالمواجهة حتى مع كفار قريش، كان يوجِّه ويرشد ويدعو، وكانوا في المقابل يحاربون ويؤذون أتباعه ويهجِّرونهم، حتى إذا ذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ذهبوا خلفه لكي يقاتلوه في مكانٍ بعيدٍ، آنئذٍ لم يجد بُدَّاً من مواجهتهم.
إني أكره أن أبدأهم بقتال
الحسين (عليه السلام) سار على نفس المنهج، شعارُه كما كان شعار جدِّه، فكان شعار جدِّه عندما يقول له بعضُ المسلمين: هلا ندافعُ عن أنفسِنا لأن عندنا سلاحاً ونستطيع أن نقاوم، قال: لم أؤمر بقتال.
والحسين (سلام الله عليه) يكررُ هذا الشعار، فيقول: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَهُمْ بِقِتَال..
كان بإمكان الحسين (عليه السلام) أن يقومَ بمواجهةٍ عسكريةٍ في المدينةِ وأن يحتلَّ مثلاً قصر الإمارة، وأن يقاتل الوليد بن عتبة، لكنه لم يكنِ المبادر للقتال، ولا الراغبَ في المشكلة، وإنما كان يريد الإصلاح، خرج من المدينة لعله يتيسر له أن يغير وضع الأمة بطريقةٍ أخرى.
لكن الطرف الآخر كان يريد القتال على كلِّ حال، فأرسل مقاتلين إلى داخل الحرم المكي لكي يقتلوا الحسين (عليه السلام)، فخرج -بأبي هو وأمي- من ذلك المكان لم يكن خوفاً ولا جبناً، فإنَّ هذا نفس أبيه بين جنبيه.
والفضل ما شهدت به الأعداء
رجلٌ يتحدث عن أنه: لو اجتمعتِ العرب على قتالي لما ولَّيتُ عنها، هذا أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا ابنه يقول فيه بعض من حضر: فو الله ما رأيت مكثوراً قط، والمكثور هو من أحاطت به الكثرة، واحد في الوسط والجيش قد دار عليه من كل جانب، محاصر من كل الجهات، لو أراد أن يقاتل الذي أمامه فالذي خلفه يستطيع أن يقتله، والذي على جانبيه يستطيع أن يرميه، (مَا رَأَيْتُ مَكْثُوراً قَطُّ، أَرْبَطَ جَأْشاً وَلَا أَمْضَى جَنَاناً ـ قلباً ـ من الحسين بن علي).
هل يخاف الموت؟
إنما يخاف أن تهتك حرمة الكعبة، يخاف أن تلقى الأمة في معركةٍ في بداية الأمر مع أنه لم يَستنفذ وسائلَهُ في إصلاحها إلى آخر لحظاتِ حياتِهِ، إلى مثل صبيحة ذلك اليوم، عندما بدأ يومَه بموعظتِهِم وخطابتِهِ فيهم، وكلامِه معهم وتحذيرهم من الدنيا وغرورها وخداعها، ومحاولة إيقاظهم إلى الفترة الأخيرة، إلى أن أُغلقت كلُّ الطرق، وجاء عمرُ بن سعد ورمى سهماً وبدأ القتال، فجاءت السهام، على أثر ذلك قال الحسين (عليه السلام): قوموا إلى الموت الذي لابد منه فهذه رسُلُ القوم إليكم.
الحسين (عليه السلام) أراد أن يحيي القيم والأخلاق في النفوس
الحسين (عليه السلام) يوجِّه صراعَه إلى جهة القيَم والأخلاق، فهو يقول لهؤلاء الذين يتصارعون في كلِّ بلاد المسلمين لا تتسابقوا إلى القتال، فَبَدْءُ القتال لا يشكل حلاً للمشكلة، القتال هو آخر المطاف.
ولو فهم المسلمون هذا المعنى لما وجدنا هذه المشكلةَ في العراق ولا في أفغانستان ولا في فلسطين ولا في سائر الأماكن الأخرى، ليكن القتال آخر شيء بعد أن تُستنفذَ الوسائلُ كلُّها، لا أولَ شيء لكي يوجَّه الناسَ إلى هذا المعنى.
يقول لهم: إن الصراع أيضاً فيه أخلاق وقيَم، أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جُناح، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم، ارجعوا إلى القيم الإنسانية إذا لم تكن الأحكام الشرعية تضبطكم وتقيد من حركتكم، ارجعوا إلى أخلاقكم وإلى أصولكم وتاريخكم، وانظروا..... هل يصح أن تضربَ النساءُ وأن تقتل؟! وأن يقتل الأبرياء ويفجَّر الأطفال؟! ارجعوا إلى هذه القيم لو لم يكن لكم دينٌ أيضاً.
حاجتنا إلى الحسين (عليه السلام) لا تنحصر في زمن أو مكان
فالحسين تزداد الحاجةُ إليه في كلِّ زمنٍ ولا سيما في زماننا، ومن المؤسف أنَّ فريقاً من أبناء الأمة لا يتعرَّضُ لعطاء الحسين (عليه السلام)، من الحرمان هذا.
جعل الحسين (عليه السلام) مقصوراً وحكراً على فئةٍ من المسلمين واعتبرَ قسمٌ آخر من المسلمين أنَّ الحسين (عليه السلام) وقضيتَه لا تهمهم من قريبٍ ولا من بعيد، فتمرُّ ذكراه ولا أثر في هذه الأجهزة الإعلامية!!!
لقد كان طاغيةٌ جلَّادٌ شغلَ الناس في مقتله على مدِّةِ شهرٍ من الزمان، بينما سبط رسول الله وابن بنت رسول الله، هذا الثائر الإسلامي الأول، يُستشهد فلا يُذكرُ إلا لُماماً وبصورةٍ ضئيلة، بينما لو تعرَّض الناس لعطائه لفازوا ونجحوا.
نسأل الله أن يجعلنا في جملةِ أنصار الحسين، وأن يكتبنا من أحباب الحسين، وأن يحشرنا معه ومع آبائه الطاهرين، إنه على كلِّ شيء قدير.
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
أحمد الرويعي
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (1)
ما جدوى إقامة الشعائر الحسينيّة؟
صريع الدمعة الساكبة
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (3)
لن يجد العالم أنقى من راية الحسين (ع)
مفتاح شخصيّة الحسين بن عليّ (ع)
مراسيم النّزوح للبرزخ
رَجْعٌ على جدار القصر
ما يذكره بعض الخطباء في وداع الأكبر (ع)
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (2)