
لقد أرسل الله تعالى الأنبياء (عليهم السلام) لهداية البشرية إلى سواء السبيل، وأنزل على بعضهم كتباً لتكون مناراً يستهدي بها الناس، ولكن للأسف حرّف الناس كتب الله تعالى كما في التوراة والإنجيل، وبذلك انحرفوا عن الصراط المستقيم ووقعوا في ضلال مبين، إلى أن أرسل الله تعالى نبيّه الكريم محمّداً (صلى الله عليه وآله) وسلم ليرجع الناس إلى طريق الله، ويزيلهم من الانحراف، وينير لهم الطريق، فأنزل على قلبه الكتاب الكريم القرآن المجيد وحفظه تعالى من التحريف: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[1]. فكان الهادي والمبين والموعظة والمنير لطريق السالكين إلى الله تعالى، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تمسّه يد التحريف. يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾[2]. ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾[3]. ﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾[4].
وحسب القرآن عظمةً وكفاه منزلةً وفخراً وفضلاً أنه كلام اللّه العظيم، ومعجزة نبيّه الكريم، وأن آياته هي المتكفلة بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم وفي جميع أجيالهم وأدوارهم، وهي الضمينة لهم بنيل الغاية القصوى والسعادة الكبرى في العاجل والآجل. هو كلام اللّه و«فضل كلام اللّه على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه»[5].
هو وصية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الأولى والثقل الأكبر الذي خلّفه قائلاً: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علَيَّ الحوض»[6].
اعتراف المفكّرين بعظمة القرآن
وقد اعترف بعظمة القرآن وفضله المنصفون من المِلل الأخرى، يقول ول ديورانت: "وقد ظلّ (القرآن) أربعة عشر قرناً من الزمان محفوظاً في ذاكرتهم (المسلمين)، يستثير خيالهم، ويشكِّل أخلاقهم، ويشحذ قرائح مئات الملايين من الرجال. والقرآن يبعث في النفوس... أسهل العقائد، وأبعدها عن التقيّد بالمراسم والطقوس، وأكثرها تحرراً من الوثنية والكهنوتية. وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحضّهم على اتباع القواعد الصحية، وحرّر عقولهم من كثير من الخرافات والأوهام، ومن الظلم والقسوة، وحسن أحوال الأرقّاء، وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين (إذا استثنينا ما كان يقترفه بعض الخلفاء المتأخرين) درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض..."[7].
هذه شهادة - من شهادات كثيرة - للقرآن الكريم من أحد الغربيين، وهو مؤرخ كبير معروف، أليس في شهادته دلالة على فضل القرآن وعظمته؟ أليس في شهادته وشهادة أمثاله، دلالة على مدى تأثير القرآن وفاعليته وهدايته للبشرية؟
كيف نستفيد من القرآن الكريم:
إن من الأمور المهمة معرفة كيفية الاستفادة من القرآن العظيم - ولا يكفي أن نعرف عظمة هذا الكتاب الكريم وفضله - وذلك يكون بمعرفة أن هذا الكتاب كتاب تعليم وهداية إلى اللهو إلى سبيل السعادة الحقيقية.
فليس القرآن الكريم لتعليم الجهات الأدبية والنحو والصرف أو أن تأخذ منه الفصاحة والبلاغة والنكات البيانية والبديعية وليس هو لتعليم القصص والحكايات بالنظر التاريخي والاطلاع على الأمم السابقة.
ثم أنه ليس كتابًا نقرأه للثواب والأجر فقط ولهذا لا نعتني بغير تجويده، ونريد أن نقرأه صحيحاً حتى يعطي لنا الثواب، ونحن مقتنعون بهذا الحد، ولهذا لا يفيدنا القرآن. فالمطلوب إذن التعلّم من القرآن كيفية السير والسلوك إلى الله وكيفية التخلّق بالأخلاق العالية لنصل إلى الكمال والسعادة.
(زاد العاملين في شهر الله - جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] القرآن الكريم، سورة الحجر، الآية: 9.
[2] القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية: 9.
[3] القرآن الكريم، سورة إبراهيم، الآية: 1.
[4] القرآن الكريم، سورة آل عمران، الآية: 138.
[5] المجلسي، بحار الأنوار، ج 6، ص 89.
[6] الحديث متواتر رواه خمسة وثلاثون صحابياً (راجع مصادره في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الأول والثاني).
[7] قصة الحضارة، ول ديورانت، مج201، ج1، ص48، دارالجيل.
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم