
الشيخ محمد هادي معرفة
عقد في كتابه القيّم (الخرائج والجرائح) باباً ردّ فيه على مطاعن المخالفينَ في القرآن، وهو بحثٌ موجزٌ لطيفٌ، وتحقيقٌ وافٍ دقيقٌ ذو فوائد جمّة نُورده هنا بالمناسبة:
قالوا: إنّ في القرآن تفاوتاً، كقوله: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}[الحجرات: 11]، في هذا تكرير بغير فائدة فيه؛ لأنّ قوله (قوم من قوم) يُغني عن قوله: (نساءٌ من نساء)، فالنساء يَدخُلنَ في قوم، يُقال: هؤلاء قوم فلان، للرجال والنساء من عشيرته !
الجواب: إنّ (قوم) لا يقع في حقيقة اللغة إلاّ على الرجال، ولا يُقال للنساء التي ليس فيهنّ رجل: هؤلاء قوم فلان، وإنّما سُمّي الرجال قوماً؛ لأنّهم القائمون بالأمور عند الشدائد، ويدلّ عليه قول زهير:
وما أَدري وَسَوف إِخالُ أدري أَقَـومٌ آلُ حِـصنٍ أم نـساءُ
وقالوا: في قوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي}[الكهف: 101] تفاوت (أي تهافت)، كيف تكون العيون في غطاءٍ عن الذّكر؟ وإنّما المناسب أن تكون الأسماع في غطاءٍ عن الذِكر !
الجواب: إنّ الله أراد بذلك عُميان القلوب. وعَمى القلب كناية عن عدم وعي الذّكر، يقال: عَمى قلبُ فلان، وفلان أعمى القلب، إذا لم يفهم ولم يعِ ما يُلقى إليه من الذّكر الحكيم؛ ومِن ثَمّ جاء تعقيب الآية بقوله: {وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْع}.
قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحجّ: 46].
فأعيُن القلب إذا كانت في غطاء، فإنّ الآذان حينذاك لا تسمع والأبصار لا تُبصر؛ لأنّ القلب لا يعي.
وبَصَرُ القلوب وعَماها هو المؤثّر في باب الدِّين، إمّا وعياً أو غلقاً، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَ}[الأنعام: 25]، والأكنّة: الأغطية.فكان غِطاء التَعامي في القلوب هو العامل المؤثّر في عدم سماع الآذان وعدم إبصار العيون.
وقالوا: في قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}[القلم: 47] و [الطور: 41] ما نسبة الكتاب من عِلم الغيب؟ ثُمّ إنّ قريش كانوا أُمّيّين، فكيف فَرَضَهم يكتبون؟
الجواب: إنّ معنى الكتابة هنا الحُكم، يُريد: أَعندهم عِلم الغيب فهم يَحكمون، ومِثله قول الجعدي:
ومـالَ الـولاءُ بِالبَلاء فمِلتُم وما ذاك حكمُ الله إذ هو يكتب
(أي يحكم)، ومِثله قوله الآخر على ما استشهد به الجوهري في الصحاح:
يابنةَ عمّي كتابُ الله أَخرجني عـنكم وهلْ أَمنَعَنَّ الله ما فَعَل
وقال ابن الأعرابي: الكاتب عندهم، العالم، قال تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} أي يعلمون.
وقالوا: في قوله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}[الحجر: 89- 91] كيف هذا التنظير ولا تناسب بين الكلامَينِ، ولا وجه وشبه لهذا التشبيه؟!
وهكذا في قوله تعالى: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}[الأنفال: 4، 5]، ما وجه هذا التشبيه؟
وكذا قالوا: في قوله تعالى: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ}[البقرة: 150، 151).
الجواب: إنّ القرآن نزل على لسان العرب، وفيه حذف وإيماء، ووحي وإشارة، فقوله: {أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ}[الحجر: 89] فيه حَذفٌ، كأنّه قال: أنا النذير المبين عذاباً، مِثل ما أنزل على المُقتسمين، فحُذف العذاب؛ إذ كان الإنذار يدلّ عليه، كقوله في موضعٍ: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}[فصّلت: 13].
وأمّا قوله: فإنّ المسلمين يوم بدر اختلفوا في الأنفال، وجادل كثيرٌ منهم رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) فيما فعله في الأنفال، فأنزل الله سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ (يجعلها لمن يشاء) فَاتَّقُوا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ (أي فرّقوها بينكم على السواء) وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ (فيما بعدُ) إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[الأنفال: 1].
ثُمّ يَصِف المؤمنين، وبعده يقول: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}[الأنفال: 5]، يعني: إنّ كراهتهم الآن في الغنائم ككراهتهم يومذاك في الخروج معك.
وأمّا قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ* كَمَا أَرْسَلْنَا...}[البقرة: 150، 151]، فإنّه أراد: ولأُتّم نعمتي عليكم كإرسالي فيكم رسولاً أنعمتُ به عليكُم يُبيّنُ لكم...
القدرات الوظيفية لدى المصابين بمتلازمة داون لا تتوقف عن التطور أبدًا
عدنان الحاجي
المنّ يزيل الأجر
الشيخ محمد مصباح يزدي
معنى (تقن) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
محمود حيدر
التفكير الإيجابي وقود النجاح
عبدالعزيز آل زايد
أريد أن يكون ولدي مصلّيًا، ماذا أصنع؟
الشيخ علي رضا بناهيان
حقيقة التوكل على الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
من عجائب التنبؤات القرآنية
الشيخ جعفر السبحاني
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
الشيخ شفيق جرادي
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
القدرات الوظيفية لدى المصابين بمتلازمة داون لا تتوقف عن التطور أبدًا
المنّ يزيل الأجر
(من هم أهل البيت؟) جديد الشّيخ علي آل محسن
معنى (تقن) في القرآن الكريم
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (1)
اختبار دم للتنبؤ بالمضاعفات الجراحية
كتاب ما وراء الشرّ
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
التفكير الإيجابي وقود النجاح
أريد أن يكون ولدي مصلّيًا، ماذا أصنع؟