قرآنيات

كيف ينظر القرآن الكريم إلى الذنوب والموبقات الأخلاقية؟

الشيخ عبدالغني العرفات

إنها عوائق تمنع الإنسان من التكامل وتؤدي به إلى خسران الدنيا والآخرة.

فإذا ما تاب عنها سامحه الله وتجاوز عنه وغفرها له وأبدله بدل السيئة الحسنة في الآخرة وأصبح محبوبًا لله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة ٢٢٢.

والغفران أبلغ من التجاوز والصفح ، بل هو تغطية هذا العيب وستره وهو بمثابة الإحسان إلى المسيء .

فقد تسامح شخصًا ولكنك لا تحسن إليه، فأما الله تعالى فإنه يتجاوز عن العبد ويغفر ذنوبه وهو بمثابة عملية تجميل للجرح الذي يصيب المجروح فبعد التئام الجرح تجرى له العملية التجميلية.

(إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّـهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان ٧٠.

ويتحمل الإنسان نتيجة عمله ووزره ولا يتحمل وزر غيره (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) الأنعام ١٦٤.

بينما تجعل هذه التوراة سبب استعباد الإسرائيليين للكنعانيين هو خطيئة جدهم (حام) !!

جاء في سفر التكوين الإصحاح ١٠ : "وابتدأ نوح فلاحًا في الأرض وغرس كرمًا (٢١) وشرب من الخمر وسكر وانكشف في وسط مضربه(٢٢) فنظر حام أبو كنعان سوءة أبيه وأخبر لإخوته في البر (٢٣) فأخذ سام ويافث ملحفة وجعلا على كتفيهما ومشيا قهقرًا وغطيا سوءة أبيهما ووجهاهما قهقرا وسوءة أبيهما لم ينظرا (٢٤) فصحا نوح من سكره وعلم ما صنع به ابنه الصغير (٢٥) فقال ملعون كنعان ، عبد عبيد يكون لإخوته (٢٦) ثم قال تبارك الله إله سام ويكون كنعان عبدا لهما (٢٧) يحسن الله إلى يافث ويسكن في مضارب سام ويكون كنعان عبداً له ".

أترى هذا التهافت والتناقض فنوح يشرب الخمر ولا مشكلة في ذلك والعياذ بالله ، ولكن عندما رأى ولده الصغير كنعان سوءته عاقبه الله بأن أصبح أولاده الكنعانيون عبيدًا لأبناء أخويه سام ويافث !!

وسام ويافث من الورع بحيث إنهما حرصا على أن لا ينظرا إلى سوءة أبيهما فرجعا القهقرى ولكن لم يستنكرا على أبيهما شرب الخمر!!.

وبسبب أن حواء أكلت من الشجرة في الجنة وأعطت أيضاً لآدم فأكل منها عاقبها الله تعالى بالولادة وشقاء الحمل  !!

جاء في سفر التكوين الإصحاح ٣  أن الله قال للمرأة " كثرة أكثر مشقاتك وحبلك ، بشقىً تلدين أولادًا وإلى رجلك عودتك وهو المستولي عليك" فإذن سبب الحمل والولادة وتعبهما يعود لمخالفة حواء والأكل من الشجرة وليس لأن الله تعالى بحكمته اقتضى أن يكون هناك ذكر وأنثى يتناسل منهما البشر ولكل دوره في خلافة الأرض !!

فالقرآن يعبر عن قصة الأكل من الشجرة بضمير التثنية والجمع (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) الأعراف ٢٣. ولم يقل آدم عليه السلام هي من أكلت فهي التي تتحمل العواقب!!

إن القرآن لم يجعل العلاقة بين الذكر والأنثى قائمة على العداوة بل على المودة والرحمة:

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم ٢١.

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً) الأحزاب ٢٥.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد