الشيخ محمد تقي مصباح يزدي
يتابع الإمام الباقر عليه السلام حديثه حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقول:
"إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ، بِهَا تُقَامُ الْفَرَائِضُ، هُنَالِكَ يَتِمُّ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فَيَعُمُّهُمْ بِعِقَابِهِ فَيُهْلَكُ الْأَبْرَارُ فِي دَارِ الْفُجَّارِ وَالصِّغَارُ فِي دَارِ الْكِبَارِ".
"إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبِيلُ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهَاجُ الصُّلَحَاءِ، فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ الْفَرَائِضُ وَتَأْمَنُ الْمَذَاهِبُ وَتَحِلُّ الْمَكَاسِبُ وَتُرَدُّ الْمَظَالِمُ وَتُعْمَرُ الْأَرْضُ وَيُنْتَصَفُ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَيَسْتَقِيمُ الْأَمْرُ".
فهو يعتبر الأمر بالمعروف أتمّ الفرائض وأشرفها، فهو أرفع حتّى من الصلاة "إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ" ليست هيّنة، "بِهَا تُقَامُ الْفَرَائِضُ" فإذا أهمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنّ سائر الواجبات لن تبقى حيّة في المجتمع.
إذن بقاء الدين وأحكامه متوقّف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنْ لم يتمّ العمل بهذين الواجبين فإنّ سائر الواجبات سوف تُترك...
ثم يستنتج عليه السلام عاقبة هذا الوضع فيقول: "هُنَالِكَ يَتِمُّ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فَيَعُمُّهُمْ بِعِقَابِهِ فَيُهْلَكُ الْأَبْرَارُ فِي دَارِ الْفُجَّارِ وَالصِّغَارُ فِي دَارِ الْكِبَارِ"
إذا اتّبع الناس مثل هؤلاء المتظاهرين بالعلم والعبادة فإنّ العقاب الإلهي سوف يعمّ الجميع، المُستقيم والمنحرف، الأخضر واليابس، الصغار والكبار، يومئذ سوف ينزل بلاءٌ عامٌ لا يُستثنى منه أحد.
ويعود الإمام عليه السلام مرّة أخرى ليُذكّر بأهميّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقول: "إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبِيلُ الْأَنْبِيَاءِ" فمن أراد أن يسلك سبيل الأنبياء فليعمل بهما، وأمّا من أهملهما فهو غير سالك سبيل الأنبياء.
"وَمِنْهَاجُ الصُّلَحَاءِ، فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ الْفَرَائِضُ وَتَأْمَنُ الْمَذَاهِبُ" أي بواسطتها تؤمّن الطرق، "وَتَحِلُّ الْمَكَاسِبُ" فإذا أحبّ الناس أن تُصبح تجارتهم وكسبهم حلالاً فلا بدّ أن يبذلوا جهدهم في إقامة هذه الفريضة، وإلّا شاع الربا تدريجيّاً، فإنْ لم ينه الناس عنه اختلط الحلال بالحرام وتعذّر عليهم التمييز بينهما.
"وَتُرَدُّ الْمَظَالِمُ" فإن أضاع شخص حقّاً لشخص آخر فإنّ انتشار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى عودة الحقّ إلى صاحبه.
"وَتُعْمَرُ الْأَرْضُ" فإذا اتّسع نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسوف يقف في وجه النفعيين ليمنعهم من تخريب البيئة الحيوية من أجل الحصول على قدرة أكبر أو ربح أكثر...
"وَيُنْتَصَفُ مِنَ الْأَعْدَاءِ" أي إذا شاع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمع بحيث شمل أصحاب القدرة فيه فإنّ الأعداء لا يجرؤون على الاعتداء عليه، لا أن تقتصر هذه الحالة على شخص أو أفراد قلائل يقومون بهذا الواجب المقدّس بهدف إتمام الحجّة على الناس.
"وَيَسْتَقِيمُ الْأَمْرُ" وهذا هو الإصلاح حيث تُرفع المفاسد.
فالإمام عليه السلام يُحذّر من أنّه في آخر الزمان سوف يتهاون الناس في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلّا في الحالات التي لا ضرر فيها عليهم، إذا حدث هذا فليحذروا من عذاب الله النازل عليهم حيث يُحرق الأخضر واليابس ويطال الصغير والكبير.
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ علي آل محسن
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد منير الخباز القطيفي
معنى قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾
دمع عيني لم يزل في انسكاب
هانس كونج ومشروع الأخلاق العالميّة
الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السّلام
"رسائل متأخّرة" المجموعة القصصيّة الأولى للكاتبة طاهرة آل سيف
الإمامُ الصّادقُ: وارثُ خَزائنِ العُلوم
الدور الخفي لدرب التبانة في الميثولوجيا المصرية القديمة
جناية هيغل في خديعة العقل
إحاطة الله العلمیّة بالموجودات
فلسفة النقد عند كانت وبرجسون