لقاءات

ناجي الحرز: شهر رمضان مصدر إلهام للشعراء


نظمية الدرويش ..
الشاعر ناقل الأحاسيس ومقولب ذاك الشيء اللامحسوس، واصف اللامرئي ومخلد اللحظات.. هو هذا الإنسان ذو القدرات الخارقة، يلحظ الثمين من المشاعر والأماكن والأوقات وحتى المناسبات فيقدرها خير تقدير، وشهر رمضان هو أحد هذه المناسبات وأثمنها عند المؤمن. فكيف للشاعر أن لا يلحظ مناسبة تشعل قلوب الناس بالإيمان ولها ما لها من قيمة عند الله؟!


خصوصية الشهر الفضيل
يجيبنا الشاعر والإعلامي ناجي الحرز على هذا السؤال وأكثر في لقاء خاص بشهر رمضان المبارك، "المؤمن على صلة دائمة بالله سبحانه و تعالى، ولا شك أن خصوصية شهر رمضان الكريم تزيد الروابط الوجدانية بينه وبين الله قوة وثراء، لأن رمضان الكريم أحد المواسم التي ينتظرها المؤمن ليجني رضا الله والقرب منه".


وعن خصوصية الشاعر في هذا الشهر يتحدث الحرز عمّا يبثه الشاعر في تقربه لله، بحيث يعتبر الحرز أن الشاعر ربما يكون الأكثر دقة وحساسية في التعبير عن مشاعره في شهر رمضان لأنه يلامس شغاف روحه.  يضيف الحرز فيقول: " يملك الشاعر إحساسا كاملًا بانهمار الرحمات وتجلي اللطف الإلهي في الشهر الكريم، وبالتأكيد ما يكتبه الشاعر لوصف تلك اللحظات الملكوتية  هو أقرب إلى الشعر العرفاني من أي شيء آخر".


 إلهام إلهي وشعري
يتحدث الشاعر ورئيس منتدى الينابيع الهجرية الأدبي عن أهمية هذا الشعر في إلهام الشعراء؛ فيؤكد أن شهر الله هو من مصادر الإلهام التي تنتشي فيها قرائح الشعراء لتستلهم الصفاء عبر الأبواب المشرعة بين الله وبين المشتاقين لآلائه وعطاياه في شهر الخير والبركة.  خلال حديثه لا ينسى الشاعر ناجي الحرز ليلة القدر التي هي (خير من ألف شهر) كما قال تعالى، فهي بحسب الشاعر كنز التجلي والانصهار في حب الله والحنين إلى لطفه وكرمه. وربما يتجلى هذا المعنى في قصيدة كتبها الحرز في الشهر الكريم يقول فيها:
رمضان أيُّ سنـاً وأيّ سناءِ .... بهما أهَجْتَ خواطرَ الشعراءِ ؟
وعلى رفيف جناح أيّة ِ فكرةٍ ... عذراء جئتَ بلهجةٍ عذراءِ ؟
فتبرعمَت بيديّ ألفُ قصيدةٍ  ... في كل يومٍ منك حلّ إزائي
رمضانُ .. لم يملك عليَّ مشاعري .. قدسٌ كقدس بَهاك في الآناءِ
ورُؤايَ مااخضرّ ا لمُنى بدروبها ... إلا بطلعة وجهك البيضاءِ
آلاؤك النوراء حين تنزّلتْ ........ بالخير من يد أكرم الكرماءِ
غمرَ السلامُ فهشـّت ِ الدنيا له ..... وتزيّنتْ ببشائر السعداءِ
فكأنّ هذا الكوكب الغافي على ... زنديك زُفَّ لجنّة ٍ فيحاءِ
رمضان .. والقرآنُ ملء حناجر ٍ ... رَويَتْ بدفءِ فيوضك السمحاءِ
أنفاسُ خير المرسلين محمد ٍ ...... هذي التي سلسلتَ في الأنحاءِ
وحنانه هذا الذي عمَّ الورى ..... فتملـّكتهُم شيمة ُ الرحماءِ
فحنى القويُّ على الضعيف ِ وغابتْ الـشكوى وذابت سَورة الشحناءِ
فكأن هذا الكوكب الغافي على ... زنديك زُف لجنّةٍ فيحاءِ
رمضان إنْ لملمتَ شملك راحلاً ... عنا وهذا ديدنُ القرناءِ
فاترك لأفئدة الذين تعلقوا .. بك بعض ما عشقوا من الآلاء
فإذا استبدّ بهم فراقك عللوا ..... أرواحهم بظلالك الزهراءِ
وترشـّفوك لطائفا علوية .... تنهلُّ بالأنوار والأنداءِ
فكأن هذا الكوكب الغافي على ........ ذكراكَ زُفَّ لجنـةٍ فيحاءِ.
هو شهر الله حتمًا، ولعل ذلك ما جعله شهر الرسائل الإلهية، ومما لا شك لهذه الرسائل العابرة لحجب السماء، أن تأخذ أشكال سامية كصوم وصلاة أو إحسان، ولعلها تسمو لدرجة أن تكون تأملات في أبيات شعرية.


 موسم الشعر الولائي
 يعتقد الشاعر ناجي الحرز أن الشعر الولائي، والذي يزدهر خلال شهر رمضان، هو خلاصة الشعر العرفاني وإكسير الوجد والتعلق بالله عبر أبواب رحمته ووسائل مغفرته. يستشهد الحرز بالآية القرآنية: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) فكما يقول الحرز بأنه لا يخفى ما للشعر الولائي من دور عظيم في إذابة الجليد والرين عن القلوب وربطها بخط ساخن مع ساحة الرحمة واللطف الإلهي عبر أبواب الله وسفراء لطفه .


وأحد هؤلاء السفراء وأميرهم هو الإمام علي عليه السلام، فلا يمكن أن يتناول الشعراء موضوع شهر رمضان وأن يُغفل عن الإمام علي عليه السلام وبهدا الصدد يقول الحرز : "أمير المؤمنين عليه السلام هو حجة الله على خلقه وهو القرآن الناطق كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا شك أن في الارتباط بين شهر رمضان وليالي القدر العظيمة وبين استشهاد الإمام علي عليه السلام حكمة إلهية سامية، تجعل ذلك الشهر مصداقًا من مصاديق الولاء لله ولرسوله ولأمير المؤمنين عليه السلام . ومما كتبه في رثاء أمير المؤمنين هذه الأبيات:
أبكيكَ أم أبكي على نفسي ... يا خيرَ محمولٍ إلى رمسِ
يا من تفتّح  في أناملهِ ... إسمي القديم وأشرقتْ شمسي
وبطول زنديه تقرّر كم  ... سأمدُّ ما بين الورى رأسي

أعداؤك انتبهوا لما  احتضنَتْ  ... آمالُك الخضراءُ مِن غرسِ
فعدوا عليك ليغرقوا أبَدَ  الإيمانِ  بين يديكَ في اليأسِ
قتلوك ، فاربدّ المدى وغدا  ... يرتد من نحسٍ إلى نحس
واستعبدوا التاريخ تسحبه ُ ... الأحقادُ من رجسٍ إلى رجس
وقلوبنا امتلأتْ كما ملؤا  ...  قيحًا فؤادك أنت بالأمس
ونزيف جرحك ظل متصلا  ... للآنَ من رأسٍ إلى رأسِ.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد