نقل ابن شعبة الحراني في كتابه تحف العقول عن الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام، في باب قصار كلماته وحكمه شيئًا في صفات المؤمن فقال ضمن حديث عن صفات المؤمن أنه: لا يرى أحدًا إلا قال هو خير مني وأتقى: إنما الناس رجلان رجل خير منه وأتقى ورجل شر منه وأدنى، فإذا لقي الذي هو شر منه وأدنى، قال: لعل خير هذا باطن وهو خير له وخيري ظاهر وهو شر لي، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى، تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وطاب خيره وحسن ذكره وساد أهل زمانه.
هذه الكلمة الذهبية المروية عن الإمام الرضا عليه السلام، تبيّن لنا الأرضية التي تقف عليها صفة الفخر، ومن المهم أن نتعرف إلى القواعد التي تعتمد عليها الصفات النفسية السيئة، وأن لا يستوقف نظرنا المظاهر لتلك الصفات فقط، وذلك أننا لو انشغلنا بالمظاهر وعلاجها، ونسينا الأساس الثقافي والنفسي الذي تعتمد عليه تلك الصفات، كنّا مثل من يقلّم أغصان شجرة الحنظل بينما جذرها راسخ في الأرض.. وإنما الصحيح أن نقوم بالبحث في الجذور لكي نقتلعها ونتخلص منها ونقضي على آثارها، بالتالي الأساس الذي يحارب مظاهر الفخر، ويمنع جذوره من النمو هو تلك الكلمة: المؤمن لا يرى أحدًا إلا قال هو خير مني وأتقى.
ثم يبيّن الإمام ذلك بأن الناس قسمان: ـ بالقياس إلى ذلك الشخص الناظر ـ : القسم الأول من هو خير منه واقعًا. والثاني من يكون شخص الناظر خيرًا منه ظاهرًا، ويكون ذلك المنظور إليه شرًّا من الناظر.
وهذا الشخص الناظر ـ ولنفترض أنه أنا ـ عندما ألتقي بمن هو شرّ مني ظاهرًا وأدنى مني بحسب نظري.. كأن يكون أقلّ مني علمًا، أو مالًا، أو خدمة اجتماعية، أو أضعف مني عملًا عباديًّا.. فإن هذا ينبغي أن لا يفرحني أو يجعلني أفتخر عليه .. لماذا؟ لأنني لا أعلم عن باطنه شيئًا، فقد يكون أقل مني علمًا ـ كما هو الظاهر ـ ولكن ربما يكون إيمانه وهو شيء باطني أفضل مني بكثير! بل قد يكون على قلة علمه وليًّا من أولياء الله (فإن الله أخفى أولياءه بين عباده) وأنا أعلم بنفسي أني لست كذلك.
وربما أكون بحسب الظاهر، أكثر مالًا أو خدمة اجتماعية، وهو بحسب الظاهر أقل، ولكن ما يدريني لعل نيته وإخلاصه أعظم مني بكثير، ومن الواضح أنه (إنما الأعمال بالنيات) لا بالكثرة والعظمة..و (ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).
إن ظاهري في هذه الحالة شر لي إذا كان أفضل من باطني وسريرتي، وظاهره وإن كان شرًّا إلا أنه يحتمل أن يكون باطنه خيرًا، والمدار والمعتمد هو على ما في القلب!
إن ما يستتر من أعمال الناس أكثر مما ينكشف لبعضهم البعض بكثير! فما يدريك أن هذا الذي تقتحمه ببصرك وربما انتقدته بلسانك.. ماذا يدريك ماذا صنع في صبيحة يومه، أو في ليلة جمعته؟ ولعله قد عمل خيرًا كثيرًا! ولكني أعلم عن نفسي أني لم أفعل شيئًا يستحق أن أكون من أولياء الله.. هذا فيما إذا نظرت إلى من هو شر مني في الظاهر.
وأما إذا نظرت إلى من هو خير مني فيقول الإمام في هذه الحالة: يتواضع المؤمن لهذا الشخص الأعلى واقعًا، والأعلم حقيقة، والأفضل حقًّا، وذلك بغرض اللحاق به والاستفادة منه والتعلم على يده.. وهو إذا سلك هذا الطريق مع الأول حيث أنه لا يعتبر نفسه أفضل منه ـ وإن كان في الظاهر أفضل ـ فمن الطبيعي أن يحاول تحسين داخله، وتقوية الإيمان في قلبه، وأن يسعى لتغيير نفسه نحو الأفضل باستمرار، وهذا ما يجعله دائم التقدم، وعديم التوقف.
وفي الوقت نفسه، لو رأى الأفضل منه تعلم منه، (فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وطاب خيره وحسن ذكره وساد أهل زمانه).
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
السيد عباس نور الدين
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الحسين دستغيب
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عدنان الحاجي
جاسم بن محمد بن عساكر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
جسد على حبل غسيل
العدد السّابع والثّلاثون من مجلّة الاستغراب
كلمة موجزة حول الجمال
سعة الصدر
معنى الإمامة في قوله تعالى: (إني جاعلك للناس إماماً)؟
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ﴾
معضلة العلم الكبرى
علي آل قمبر يتوّج بجائزة بودلير للشّعر في إيطاليا
الفنّانة التّشكيليّة إيمان الجشّي، تشارك في معرض World Art Dubai
إله فلسفة الدين والله الموحي في الفلسفة الدينيَّة