
ظهر التعطيل - أي تعطيل العقول عن المعارف والإلهيات - بثوبه الجديد في العصر الأخير، وقد حمل رايتها المغترّون بالعلوم الطبيعية.
يقول فريد وجدى: بما أنّ خصومنا يعتمدون على الفلسفة الحسية والعلم الطبيعي في الدعوة إلى مذهبهم، فنجعلهما عمدتنا في هذه المباحث، بل لا مناص لنا من الاعتماد عليهما لأنّهما اللّذان أوصلا الإنسان إلى هذه المنصة من العهد الروحاني. «1»
ويقول بعض آخر: كان الأنبياء عليهم السلام أخبروا الناس عن ذات اللَّه وصفاته وأفعاله، وعن بداية هذا العالم ومصيره، وما يهجم عليه الإنسان بعد موته، وآتاهم علم ذلك كلّه بواسطتهم عفواً بلا تعب، وكفوهم مئونة البحث والفحص في علوم ليس عندهم مبادئها ولا مقدماتها التي يبنون عليها بحثهم ليتوصلوا إلى مجهول، لأنّ هذه العلوم وراء الحس والطبيعة، لا تعمل فيها حواسهم، ولا يؤدي إليها نظرهم، وليست عندهم معلوماتها الأوّلية.
إلى أن يقول: الذين خاضوا في الإلهيات من غير بصيرة، وعلى غير هدى، جاءوا في هذا العلم بآراء فجة، ومعلومات ناقصة وخواطر سانحة، ونظريات مستعجلة، فضلّوا وأضلوا. «2»
لو صحّ قول القائل: إنّ هذه العلوم وراء الحس والتجربة لا تعمل فيها حواس، ولا يؤدي إليها النظر فلا تتوفر معلوماتها الأوّلية، لزم تعطيل التدبّر في المعارف القرآنية التي تقع مبادئها وراء الحسّ، وعندئذٍ يتوجه إليه السؤال بأنّه لماذا يطرح الذكر الحكيم جملة من المعارف ويحرض على التدبر فيها، وهي ممّا تقع وراء الحس والطبيعة، وليست الغاية من طرحها هو التلاوة والسكوت حتى تصبح الآيات لقلقة لسان لا تخرج عن تراقي القارئ بدل أن تنفذ إلى صميم الذهن وأعماق الروح.
وإن كنت في ريب من وجود هذه المعارف في الكتاب العزيز، فلاحظ الآيات التالية: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» «3». «وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى» «4». «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» «5». «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» «6». «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ» «7». «وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ» «8». «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» «9».
فهل يصح أن نعطّل عقولنا بحجّة إنّما أعطينا لإقامة العبودية لا لإدراك الربوبية ؟! أو بذريعة أنّ الوحي كفانا مئونة البحث والفحص في علوم لا نملك مبادئها ولا مقدماتها؟
إنّ هناك أُصولًا عقلية مبرهنة يعتقد بها الإلهيون وفي طليعتهم المسلمون، ولا يمكن للعلوم الطبيعية أن تساعدهم في فهمها ولا أن تهدي إليها البشر. كالبحث عن أنّ المصدر لهذا العالم والمبدئ له، أزلي أو حادث، واحد أو كثير، بسيط أو مركب، جامع لجميع صفات الجمال والكمال، أم لا؟ هل لعلمه حد ينتهي إليه أم لا؟ هل لقدرته نهاية أم لا؟ هل هو أوّل الأشياء وآخرها، أم لا؟ هل هو ظاهر الأشياء وباطنها أم لا؟
فالاعتقاد بهذه المعارف عن طريق العلوم الطبيعية والحسية غير ممكن، والاعتماد على الوحي للتعرف عليها غير مقدور لكلّ إنسان، مضافاً إلى أنّه تجب معرفتها قبل معرفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يتعرّف عليها عن طريق النبي والوحي المنزل؟
كلّ هذا يدفعنا إلى استخدام العقل في فهم هذه الحقائق التي لا تنال بالحس بل تنال بالعقل، فهل يمكن للشارع الحكيم الدعوة إلى هذه الحقائق والمنع من استخدام ما هو أداة فهمها ودركها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). على إطلال المذهب المادي: 1 / 16.
(2). ماذا خسر العالم : 97.
(3) . الشورى : 11 .
(4) . النحل : 60 .
(5) . طه : 8 .
(6) . البقرة : 115 .
(7) . الطور : 35 .
(8) . الحديد : 4 .
(9) . المجادلة : 7 .
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
الشيخ معين دقيق العاملي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
انظر.. تبصّر.. هو الله
الشيخ شفيق جرادي
قرية كافرة بأنعم الله
الشيخ محمد جواد مغنية
لا مُعين سواه
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
(ما رأيت إلّا جميلاً) باكورة أعمال الكاتبة نور الشخص
معنى (قضى) في القرآن الكريم
النّفاق والتّظاهر
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
حياتنا بين البخل والترف
ندوة بعنوان: كيف تؤثّر الفلسفة في الأدب؟ لنادي أطياف الأدبيّ
تجهيز البيت: بين البساطة والتكلّف
الإيمان والعمل الصالح