السيد محمد تقي المدرسي
إذا جعل الله مع آدم زوجته، ومع موسى أخته، ومع عيسى أمه، ومع النبي (ص) بنته، فقد جعل مع الحسين أخته الصديقة الصغرى، فهما من شجرة واحدة. الفارق في العمر بسيط ويتلاشى مع الزمن، والتربية واحدة في كنف الرسول، وفي حضن فاطمة بنت محمد، وتحت ظلال أمير المؤمنين علي، إنها كبرى الأسباط بعد أخويها الحسن والحسين، وهي إلى ذلك تجسد شمائل أمها بكل جلالها وجمالها، وتتمثل شخصية أبيها بكل تقواها وعلمها، وتتناسب مع شخصية أخيها الحسن، وتكاد تتطابق مع شخصية أخيها الحسين..
فإذا كانت التربية أو الوراثة ذات أثر في صياغة شخصية أحد، وإذا كانت الأحداث هي التي تصنع شخصية إنسان، وإذا كانت رسالة الفرد الأساسية التي قدرت له ذات أثر في بناء كيانه، فإن الصديقة زينب شاركت أخاها الإمام الحسين عليه السلام في كل ذلك..
ومنذ الأزل كانت واقعة الطف مقدرة.. إذ كانت الذروة في الصراع الجاهلي الإسلامي بعد انفجار نور الوحي على هضبات مكة، وكانت الأحداث تركض في هذا الاتجاه منذ لحظة وفاة النبي صلى الله عليه وآله، ودخول بني أمية على مسرح الأحداث من جديد تحت غطاء النفاق، وفي غفلة من الأنصار وتغافل من المهاجرين لمصالح سلطوية مؤقتة.
قامت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في وجه ذلك الانحراف، ورسمت لأبنائها بدمها المطبوع على جدار بيتها.. وبآثار الضرب على متنها، وبصرخاتها المدوية وبأهاتها التي زلزلت أركان المدينة، رسمت بكل ذلك وبسقط جنينها محسن، طريق التحدي.. فكانت بذلك سيدة نساء العالمين، إذ إنها وضعت حجر الزاوية الأول في بناء الإسلام النقي، الذي لا يحكم الطغاة باسم الدين، ولا يتحكم في مصير أهله المنافقون باسم القرآن والرسول.
رسمت طريقًا لحمل أعباء الدعوة، معالمه الهجرة والقيام، والقتل والشهادة، ثم الكلمة الثائرة التي لا تهدأ، والدمعة الناطقة التي لا ترقى.
وكانت زينب بنت الزهراء شاهدة عاشوراء. شقيقة الحسين، قد استوعبت الدرس، تمامًا، أليست هي التي شاهدت بأم عينها كيف حمت أمها الصديقة الكبرى إمام زمانها وزوجها أمير المؤمنين عليه السلام حمته بنفسها حتى سقطت بين الباب والحائط تنادي فضة وتقول والله لقد قتلوا ما في أحشائي.
أوليست هي التي كانت ترافق أمها وهي تلملم جراحها، وتغتصب نفسها وتتحمل كل الألم، وهي تسارع إلى أمير المؤمنين لتمنع القوم من إكراهه على البيعة.
ألم تشاهد كيف يهوي ذلك العتل بسياطها على كتف أمها لكي تترك زوجها.
بلى.. وكانت زينب إلى جانب أمها حين أنشدت ذلك الخطاب الصاعق في مسجد أبيها بالمدينة، وهي التي روت من بعد تفاصيل ذلك الخطاب.
وانطبعت في شخصيته الطفلة الذكية معالم ذلك الطريق بوضوح وشفافية، وكانت مسيرتها من المدينة إلى الطف، وإلى الكوفة، وإلى الشام، ثم إلى المدينة والآفاق نسخة متطورة لمسيرة أمها فاطمة سلام الله عليها، من البيت إلى المسجد، ومن المسجد إلى البيت، ومن قبل تطوافها على بيوت الأنصار طالبة منهم نجدة الحق..
وكان خطابها في الشام، كخطاب أمها في المسجد النبو ؛ المثل والأهداف، والتعابير والنبرات، والشجاعة والحكمة، والإثارة، والاستنهاض كلها واحدة.. وزادت البنت على أمها أنها كانت أسيرة مكبلة، مفجوعة بأعز الناس.. ولكنها عادت فأسرت آسريها، وقيدت مكبليها، وقهرت قائلي أهلها بالكلمة الحق....
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ شفيق جرادي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
حسين آل سهوان
أحمد الرويعي
أسمهان آل تراب
حسين حسن آل جامع
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي