التشيّع يظهر بأوضح صورة من خلال الالتفاف والمشايعة للوصي الذي اختاره رسول الله (ص) خليفة له بأمر الله تعالى، فإذا اعتبرنا أنّ التشيّع يرتكز أساساً على استمرار القيادة بالوصي، فلا نجد له تاريخاً سوى تاريخ الإسلام، والنصوص الواردة عن رسول الله (ص) تدلّ وبوضوح على أنّ الاستجابة اللاحقة استمرار حقيقي لما سبقها في عهد رسول الله (ص)، وإذا كان كذلك فإنّ جميع من استجابوا لرسول الله (ص) وانقادوا له انقياداً حقيقياً يعدّون بلا شك روّاد التشيّع الأوائل وحاملي بذوره.
فالشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسانٍ في الأجيال اللاحقة، من الذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة، ولم يغيّروه ولم يتعدّوا عنه إلى غيره ولم يأخذوا بآرائهم الخاصّة في مقابل النصوص، وصاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) «1»، ففزعوا في الأصول والفروع إلى علي (ع) وعترته الطاهرة (عليهم السلام)، وانحازوا عن الطائفة الأخرى من الذين لم يتعبّدوا بنصوص الخلافة والولاية وزعامة العترة، حيث تركوا النصوص وأخذوا بآرائهم.
أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال: كنّا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأقبل علي (ع) فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة». ونزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) «2» فكان أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أقبل علي (ع) قالوا: جاء خير البرية. «3».
وروى ابن حجر في صواعقه عن أمّ سلمة: كانت ليلتي، وكان النبي عندي فأتته فاطمة فتبعها علي - رضي الله عنهما - فقال النبي: يا علي أنت وأصحابك في الجنّة، أنت وشيعتك في الجنّة «4».
وروى أحمد في المناقب أنّه قال لعلي: أما ترضى أنّك معي في الجنّة والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذريتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا. [ومثله] روى الطبراني «5».
وروى ابن حجر: أنّه مرّ علي على جمع.... فقال (ع): شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله «6».
وهذه النصوص المتظافرة الغنية عن ملاحظة أسنادها تعرب عن كون علي (ع) متميّزاً بين أصحاب النبي بأنّ له شيعة وأتباعاً ولهم مواصفات وصفات كانوا مشهورين بها في حياة النبي وبعدها.
فبعد هذه النصوص لا يصحّ للباحث أن يلتجأ إلى فروض ظنّية أو وهمية في تحديد تكوّن الشيعة وظهورها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحجرات : 1 .
(2) البيّنة : 7 .
(3) الدرّ المنثور للسيوطي : 6 / 589 . آية 7 : بيّنة ومثلهما عن عائشة و . . .
(4) الصواعق : 161 ط قاهره . وأيضاً 154 .
(5) الصواعق : 161 .
(6) المصدر : 154 .
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ شفيق جرادي
الشهيد مرتضى مطهري
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(عصمة الرسول الأعظم في القرآن الكريم) كتاب جديد للسّيد ضياء الخباز
اختيار النبيّ (ص) لخديجة (ع)
المذاهب الأخلاقية
معنى أن الأئمة (ع) وجه الله
معنى لفظة (ألو) في القرآن الكريم
كيف استظلَّ يونس بشجرة اليقطين؟!
تشريع التوسل في الإسلام
مشاهير مفسّري الشّيعة في القرون الأربعة الأولى (2)
معنى كلمة (سلّ) في القرآن الكريم
نسخة مزيدة من كتاب: (عشرون منقبة في أسبقية الإمام علي) للشيخ عبدالله اليوسف