
بدأ مرتزقة يزيد بعد واقعة عاشوراء حملتهم الإعلامية باستخدامهم أساليب شتّى، وراحوا يبثون بين النّاس، بأنّ انتصار يزيد الظاهري هذا، هو إرادة اللّه، وبعد استشهاد الحسين (عليه السَّلام) أذن عبيد اللّه بن زياد إذناً عاماً، وجمع الناس في مسجد الكوفة، وراح يتظاهر بمظهر الرجل المتديّن التقي، وقال: الحمد للّه الذي أظهر الحقّ ونصر أمير المؤمنين وأشياعه وقتل الكذاب ابن الكذاب.
ولكن الحوراء زينب والإمام السجاد (عليمها السَّلام) كانا يعرفان خطة العدو الإعلامية هذه، فركزا عليها وراحا يصبان بالخطب الساخنة والحجج الدامغة، نار غضب الحقّ على الأمويين وآيديولوجيتهم، وحمّلا يزيد واليزيديين مسؤولية جميع الجرائم والجنايات.
ومن نماذج اصطدام هاتين الآيديولوجيتين، هو ما حدث في قصر ابن زياد، عندما أدخل فيه نساء الحسين وأولاده ورهطه، وكان عبيد اللّه قد أعدّ في ذلك اليوم اجتماعاً عامّاً، وجيء برأس الحسين (ع) فوضع بين يديه، وكانت السيدة زينب (ع) قد دخلت القصر متنكرة، وعليها أرذل ثيابها بلا مبالاة، وجلست في زاوية من زواياه، وقد أحاطت بها النساء والإماء، فقال ابن زياد وقد وقعت عينه عليها: من هذه انحازت وجلست ناحية ومعها نساؤها؟
فلم تجبه، فأعاد ثانية يسأل عنها، فقالت إحدى إمائها: هذه بنت فاطمة (ع) بنت رسول اللّه (ص)، فأقبل عليها ابن زياد فقال لها: الحمد للّه الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أُحدوثتكم.
فأجابت زينب (ع): "الحمد للّه الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وهو منّا، طهّرنا من الرجس، إنّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا ـ تعني: أنت وجماعتك ـ والحمد للّه".
قال: كيف رأيت فعل اللّه بأهل بيتك؟
قالت (عليها السَّلام): "ما رأيت إلاّ جميلاً، هؤلاء قوم كتب اللّه عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع اللّه بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أُمّك يا ابن مرجانة".
فغضب ابن زياد (من جرأتها وصراحتها، ومن أنّها خاطبته باسم جدته سيئة الصيت) وهمّ بها، قال له عمر بن حريث: أيّها الأمير إنّها امرأة، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.
فقال لها ابن زياد: لقد شفى اللّه قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك.
فقالت: "لعمري لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت".
فقال ابن زياد وقد أعجبته فصاحتها بغضب وسخرية: هذه سجّاعة، ولعمري كان أبوك شاعراً.
فقالت: ما للمرأة والسجاعة؟ (هل هذا مقام سجع).
وأراد ابن زياد أن يوحي من خلال ذلك إلى الحاضرين بأنّ المفضوح هو الذي انهزم عسكرياً في الظاهر، لأنّه لو كان على الحقّ لكان ينتصر من الناحية العسكرية.
غير أنّ زينب الكبرى (عليها السَّلام) التي كانت تعرف جيداً المنطلق الذي ينطلق منه ابن زياد في كلامه، فراحت تدك آيديولوجيته، وأعلنت بكلامها هذا بأنّ الشرف والفضل ليس بالانتصار والقوّة الظاهرية بل بالحقّ وطلب الحقيقة، وأنّ المفضوح ليس من استشهد في سبيل اللّه، بل من ظلم وطغى وانحرف عن الحق والحقيقة.
كان ابن زياد يتوقع من زينب المفجوعة بعزيزها أن تركع بالضربة الأُولى وتذرف الدموع وتطلق العويل، ولكن الحوراء زينب (عليها السَّلام) بطلة كربلاء ردّت عليه ردّاً كالصاعقة مزّق كيانه وكسر كبرياءه .
من أين يمكننا أن نجد امرأة قتل ستة أو سبعة من إخوتها واستشهد ابنها فلذة كبدها وذبح عشرة من أبناء إخوانها وعمومتها وأُسرت هي مع كلّ أخواتها وبناتهن، تقوم وتقف وتدافع عن حقّها وعن شهدائها وهي أسيرة منكوبة مفجوعة؟! وأين يحدث كلّ هذا؟ في مدينة كانت عاصمة خلافة أبيها التي أمضى من عمره حوالي أربعة أعوام فيها.
ورغم كلّ هذا وكل ما يدعو إلى الحزن والأسى، نراها لا تنطق ببنت شفة عتاباً وجزعاً، بل تقول فضلاً عن ذلك وبصراحة تامة لم نر ما لم نرغب فيه وإن استشهد رجالنا فلأنّهم عزموا على ذلك، ولو كان غير ذلك لكان مدعاة للحزن والأسى والألم، وهم الآن قاموا بواجبهم بما يرضي اللّه وتقلّدوا وسام فخر الشهادة، فما عسانا أن نفعل ما هو خليق بنا غير الحمد للّه والثناء عليه لما منّ به علينا من النصر والتوفيق.
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
الشيخ معين دقيق العاملي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
انظر.. تبصّر.. هو الله
الشيخ شفيق جرادي
قرية كافرة بأنعم الله
الشيخ محمد جواد مغنية
لا مُعين سواه
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
(ما رأيت إلّا جميلاً) باكورة أعمال الكاتبة نور الشخص
معنى (قضى) في القرآن الكريم
النّفاق والتّظاهر
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
حياتنا بين البخل والترف
ندوة بعنوان: كيف تؤثّر الفلسفة في الأدب؟ لنادي أطياف الأدبيّ
تجهيز البيت: بين البساطة والتكلّف
الإيمان والعمل الصالح