إنّ قوله سبحانه: ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ( ق / 16 ) تقريب للمقصود بجملة ساذجة تفهمه العامّة « والوريد » هو مطلق العرْق أو عبارة عن العرق الموجود في العنق ، حيث أنّ حياة الإنسان قائمة به ، فلو قطعنا النّظر عن ظاهر الآية فأمر قربه سبحانه إلى الإنسان أعظم من ذلك ، ولكن الآية اكتفت بما تفهمه العامّة ، وأحال سبحانه المعنى الدقيق منه إلى الآيات الأخر.
كيف والآية جعلت للإنسان نفساً وجعلت لها آثاراً ، قال سبحانه: ( وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) ( ق / 16 ) وجعلت سبحانه هو المتوسط بين الإنسان ونفسه ، وبين نفسه وآثارها ، مع أنّه سبحانه أقرب إلى الإنسان من كلّ أمر مفروض حتى نفسه ، كلّ ذلك يعرب عن أنّ الآية بصدد تفهيم قرب يقع في متناول فهم العامّة ونظيره قوله سبحانه: ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ ) ( الأنفال / 24 ).
وفي روايات أئمّة أهل البيت تصريحات بالقرب القيومي والإحاطة الوجوديّة نكتفي منها بما يلي :
1 ـ روى الكليني عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه ذكر عنده قوم يزعمون أنّه الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فقال: « إنّ الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، وإنّما منظره في القرب والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد » (1).
2 ـ روى الكليني عن محمد بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام: « جعلني الله فداك يا سيّدي قد روي لنا أنّ الله في موضع دون موضع على العرش استوى ... » فوقّع عليه السّلام: « واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش والأشياء كلّها له سواء علماً وقدرة وملكاً وإحاطة » (2).
3 ـ روى الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام: أنّ أمير المؤمنين استنهض الناس في حرب معاوية في المرّة الثانية ، فلمّا حشر الناس قام خطيباً فقال: « سبحان الذي ليس أوّل مبتدأ ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى سبحانه هو كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، وحدّ الأشياء كلّها عند خلقه ـ إلى أن قال ـ: لم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن ، ولم يخل منها فيقال له أين ؟ لكنّه سبحانه ... » (3).
4 ـ روى ابن عساكر « في تاريخ دمشق » :
« إنّ نافع بن الأزرق قائد الأزارقة من الخوارج قال للحسين عليه السلام: صف ربّك الذي تعبده، قال الحسين عليه السلام: « يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه: لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير مستقصي ، يوحّد ولا يبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلا هو الكبير المتعال » (4).
وما أليق بالمقام قول القائل :
لا تقل دارها بشرقيّ نجد
كلّ نجد لعامرية دار
ولها منزل على كلّ ماء
وعلى كلّ دمنة آثار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي: ج 1، باب الحركة، ص 125 الحديث 1.
(2) المصدر نفسه: الحديث 4، ص 126.
(3) المصدر نفسه: باب جوامع التوحيد، ص 135 الحديث 1.
(4) تاريخ دمشق: ج 4، ص 323.
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
السيد عباس نور الدين
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الحسين دستغيب
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عدنان الحاجي
جاسم بن محمد بن عساكر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
جسد على حبل غسيل
العدد السّابع والثّلاثون من مجلّة الاستغراب
كلمة موجزة حول الجمال
سعة الصدر
معنى الإمامة في قوله تعالى: (إني جاعلك للناس إماماً)؟
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ﴾
معضلة العلم الكبرى
علي آل قمبر يتوّج بجائزة بودلير للشّعر في إيطاليا
الفنّانة التّشكيليّة إيمان الجشّي، تشارك في معرض World Art Dubai
إله فلسفة الدين والله الموحي في الفلسفة الدينيَّة