
الشيخ جعفر السبحاني ..
إنّ المغيبات الواردة في القرآن لا تزيد أصولها على أقسام ثلاثة :
الأوّل :
الخبر عن الله سبحانه وأسمائه وصفاته ، والخبر عن الروحانيات وملائكته وتدبيره العوالم الأرضية ، والسماوية ، وشؤون الأحياء بعد الموت في البرزخ وحالة الأرواح قبل المعاد وبعده من نعيم أو جحيم ، والقرآن يموج بهذه المعاني الغيبية المطلقة التي لا يتعرف عليها الحس ولا تقع في أفقه في هذا الظرف.
الثاني :
الإخبار عن أمم قد خلت من قبل وطويت حياتها ، فأصبحوا ممّا لا يرى حتى مساكنهم ومواطنهم ، من دون أن يرجع إلى كتب السير والتاريخ والكهنة والربانيين أو يطالع كتاباً أو باباً خاصاً في هذا الموضوع. ومثله الخبر عن شؤون البشر في مستقبل أدواره وأطواره ، والإشعار بملاحم وفتن وأحداث في مستقبل الزمن ، كإخبار القرآن عن أنّ أبا لهب وامرأته يموتان كافرين ، في قوله تعالى : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } ( المسد : 1 ـ 5 ) ، وإخباره عن غلبة الروم ، بعد بضع سنين في قوله سبحانه : { الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ... } ( الروم : 1 ـ 4).
وتلحق بذلك الأمور التي قيل اختص علمه بها سبحانه ، كوقت الساعة : والمستور في ظلمات الأرحام ، ... الواردة في قوله سبحانه : { إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ( لقمان ـ 34).
وسوف نرجع إلى البحث عن هذه الآية وتقف على نظرنا فيها.
الثالث :
الإخبار عن بعض الموجودات أو النواميس السائدة في الكون ، وقد كان مغيباً عند نزول الوحي عن إدراك الحواس المجردة عن الأدوات المخترعة في هذا الزمان ، كإخباره سبحانه عن زوجية الأشياء عامة بقوله : { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ( الذاريات ـ 49 ) ووجود الدابة في السماوات بقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ } ( الشورى ـ 29).
إلى غير ذلك من إخباراته عن الحقائق العلمية والنواميس المطردة في الكون.
ثمّ إنّ الزرقاني أرجع أصول أنباء الغيب الواردة في القرآن إلى أمور ثلاثة على وجه يقرب ممّا ذكرناه ، قال : من ذلك قصص عن الماضي البعيد ، المتغلغل في أحشاء القدم ، وقصص عن الحاضر الذي لا سبيل لمحمد إلى رؤيته ومعرفته فضلاً عن التحدث به وقصص عن المستقبل الغامض الذي انقطعت دونه الأسباب وقصرت عن إدراكه الفراسة والألمعية والذكاء ـ إلى أن قال : أمّا غيوب الماضي فكثيرة تتمثّل في تلك القصص الرائعة التي يفيض بها التنزيل ولم يكن لمحمد إليها من سبيل كقصة نوح ، وموسى ، ومريم ، وأمّا غيب الحاضر فنريد به ما يتصل بالله تعالى والملائكة والجن والجنّة والنار ونحو ذلك ممّا لم يكن للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) سبيل إلى رؤيته ولا العلم به ، فضلاً عن أن يتحدث عنه على هذا الوجه الواضح.
ومن غيب الحاضر أو الماضي ما جاء في طي القرآن من حقائق ومنافع ومبادئ لم يكشف عنها إلاّ العلم الحديث ، وأمّا غيب المستقبل فهو تنبّأ بحوادث وقعت كما أخبر ... (1)
نعم أرجع العلاّمة الشهرستاني أنواع المغيبات إلى ثمانية أقسام (2) ويرجع أصولها إلى الوجوه الثلاثة التي أوضحناها.
ثمّ إنّ هذا التقسيم ، إنّما هو بالنسبة إلى البشر المحدود ، الذي تغيب الأشياء عنه ، وأمّا بالنسبة إليه سبحانه فالأشياء كلّها حاضرة لديه ، بأعيانها الخارجية فالماضي والحال والمستقبل عنده سواسية : { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ } ( يونس : 61 ) فهو المحيط بكل ما دق وجل ، ولا يشذ عن محيط علمه خبر خطير ولا صغير ... إلاّ يعلم من خلق ، وهو اللطيف الخبير.
_________________________
1- مناهل العرفان ج 2 ص 263 ـ 264.
2- المعجزة الخالدة ص 72.
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
الشيخ معين دقيق العاملي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
انظر.. تبصّر.. هو الله
الشيخ شفيق جرادي
قرية كافرة بأنعم الله
الشيخ محمد جواد مغنية
لا مُعين سواه
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
(ما رأيت إلّا جميلاً) باكورة أعمال الكاتبة نور الشخص
معنى (قضى) في القرآن الكريم
النّفاق والتّظاهر
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
حياتنا بين البخل والترف
ندوة بعنوان: كيف تؤثّر الفلسفة في الأدب؟ لنادي أطياف الأدبيّ
تجهيز البيت: بين البساطة والتكلّف
الإيمان والعمل الصالح