قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

الظلمة من مخلوقات الله!

قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1].

 

تفيد الآية إِنّه مثلما أن «النّور» من مخلوقات الله، فإِنّ «الظلمة» كذلك من مخلوقاته، مع أنّ الفلاسفة والمختصين بالعلوم الطبيعية يعرفون أنّ الظلمة هي انعدام النّور، ولهذا فلا يمكن إطلاق صفة «المخلوق» على المعدوم إِذن، كيف تعتبر الآية المذكورة الظلمة من المخلوقات؟

 

في ردّ هذا الاعتراض نقول.

 

أوّلا: الظّلمة ليس تعني دائماً الظلام المطلق، بل كثيراً ما تطلق على النّور الضعيف جداً بالمقارنة مع النّور القوي، فنحن جميعاً نقول، مثلاً، ليل مظلم، مع العلم بأنّ ظلام الليل ليس ظلاماً مطلقاً، بل هو مزيج من نور النجوم الضعيف أو مصادر أخرى للنور، وعلى هذا يكون مفهوم الآية هو أنّ الله جعل لكم نور النهار وظلام الليل، فالأوّل نور قوي والآخر نور ضعيف جداً وواضح أنّ الظلمة، بهذا المعنى، تكون من المخلوقات.

 

وثانياً: صحيح أنّ الظلمة المطلقة أمر عدمي، ولكن الأمر العدمي ـ في ظروف خاصّة ـ يكون نابعاً من أمر وجودي، أي أنّ يوجد الظلمة المطلقة في ظروف خاصة لهدف معين، لابدّ أن يكون قد استعمل لذلك وسائل وجودية، فإِذا أردنا أن نجعل الغرفة مظلمة لتحميض صورة ـ مثلاً ـ فعلينا أن نمنع النّور لكي تحصل الظلمة في تلك اللحظة المعينة، وظلمة هذا شأنها ظلمة مخلوقة (مخلوقة بالتبع).

 

وإذا لم يكن (العدم المطلق) مخلوقاً، فإن (العدم الخاص) له نصيب من الوجود، وهو مخلوق.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد