قال سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة : 44]. وقال في الآية 45: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. وقال في الآية 47 {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ}.
ثلاثة أوصاف تواردت على موصوف واحد، وقد اختلف المفسرون في التوجيه والتأويل، ونضرب صفحًا عن أقوالهم تجنبًا للإطالة، أما رأينا فنبديه فيما يلي:
إن الدين عقيدة وشريعة، والعقيدة من صفات القلب، ولها أصول، وهي الإيمان باللَّه وصفاته، وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر، والشريعة أحكام عملية تتعلق بالأقوال والأفعال، وإذا أطلق لفظ الكفر مجردًا عن القرينة، كما لو قيل: فلان كافر فهمَ منه أنه يجحد أصول العقيدة كلاًّ أو بعضًا.. وإذا أطلق لفظ الفسق فهمَ منه أنه مقرّ بالدين أصولاً وفروعًا، ولكنه متهاون، وتارك العمل بالفروع كلاًّ أو بعضًا.
هذا، إذا أطلق كل من اللفظين، دون أن يضاف إلى شيء، أما إذا أضيف الفسق إلى العقيدة كقولنا: فلان فاسق العقيدة فيكون المراد بالفسق الكفر، وقد جاء هذا الاستعمال في القرآن، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة : 99].
وإذا أضيف الكفر إلى العمل، لا إلى العقيدة فالمراد منه الفسق، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 97]. فقد وصف سبحانه تارك الحج بالكفر، مع أنه مؤمن بجميع الأصول، فيتعين أن المراد بالكفر الفسق.
أما لفظ الظلم فيجوز إطلاقه على الكفر وعلى الفسق، لأن كلاًّ من الكافر والفاسق قد ظلم نفسه، حيث حملها من العذاب ما لا تطيق، قال تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة : 254]. وقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة : 140]. وكتم الشهادة بوجه العموم لا يوجب الكفر باتفاق المسلمين.
وبهذا يتبين معنا أن الكفر والفسق والظلم ألفاظ كثيرًا ما تتوارد في القرآن على معنى واحد، وعليه يصح أن يوصف بها من لم يحكم بما أنزل اللَّه، والقصد التغليظ على من لم يحكم بالحق، سواء أحكم بالباطل، أو استنكف عن الحكم سلبًا وإيجابًا، ونفس الشيء يقال فيمن يحكم عليه بحكم اللَّه فيستنكف عن تنفيذه والإذعان له.
وبهذه المناسبة نشير إلى أن الفقهاء اتفقوا على أن من جحد حكمًا شرعيًّا ثبت بإجماع المسلمين كوجوب الصلاة وحرمة الزنا فهو كافر، ومن خالفه مقرًّا به فهو فاسق.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(تهذيبُ الأحكام) لشيخ الطّائفة، أبي جعفر الطّوسيّ
(التجربة الرّوائيّة بين الرجل والمرأة) أمسية أدبيّة في الدمّام
قشرة الأرض تخفي احتياطيات هائلة من الهيدروجين
ما سوى الله تعالى حجاب
الصّلاة تعالج الهلع
ما هي أولويات التمهيد؟
الكفر والفسق والظلم
معنى (حرى) في القرآن الكريم
الأسرة بين العفاف والخيانة الزوجية
هل لأحدٍ حقٌّ على الله؟