مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ رضا الصغير
عن الكاتب :
طالب علوم دينية في حوزة قم المقدسة

التوثيق !

 

الشيخ رضا الصغير
نقل عن الحكيم بهلول أنه مر على مسجد لم يتم بعد بناؤه، وقد وضع عليه لوحة باسم من هو متكفل ببنائه، فأزال بهلول تلك اللوحة ووضع لوحة كتب عليها اسم بهلول نفسه.
لما رأى المتكفل ذلك، استشاط غضبًا، وأمسك بهلول من تلابيبه، وقال له: لم فعلت هذا؟  هل أنت من بنى المسجد؟! فأجابه إذا كنت بنيته لله فهو يعلم ذلك؟ ولن يغير الاسم عنده شيئاً.


الكثير منا تجده في محافل الخير سباقًا، وفي المشاريع التنموية مبادرًا، لكنه لا يقبل ذلك في السر، وإذا كان هناك محفل، ولم يُشَر إليه وإلى مجهوداته، كان ساخطًا غاضبًا، وإذا ذكر اسمه تهلل وجهه.
لا شك أن شكر المخلوق من شكر الخالق، وأن التكريم أمر حسن يمدحه العقلاء، لكن إذا كان فاعل الخير قاصدًا وجه العزيز، فلا يهمه علم ذلك أحدٌ أم لا، ولا يتوقع شكرًا أو جائزةً من أحد، لأنه لم يبغ وجه الناس.

إن من يلتفت إلى هذا الأمر،  يقتنع أنه لا يضيع عملُ عامل أبدًا، وأن ذلك سيعود يومًا ما، وإن لم يعد الآن، يعود في يوم يقر كل عبدٍ بما له، وبما انتشله من الآخرين.
الإخلاص في العمل، والتواري عن أعين الناس،  مدعاة للنماء والازدهار، لا تحتاج كثيراً من التعب والعناء لإثبات قدراتك، ومقوماتك، وميزاتك، ومواهبك.

عليك فقط أن تجعل ذلك بعين الله، ربما يُعتدى عليك، ويغتصب حقك،  وربما ذات يوم تقول: (وما أصنع بفدك وغير فدك ...) 
عليك أن توثق جهدك وتحرص على عملك لئلا يضيع حقك، لكن لا يكن شغلك الشاغل محاربة الآخرين، والتفكير في منافستهم، ولا يلهيك إثبات نفسك وذاتك عن غايتك الأسمى، وعن حقيقة وجودك، ولا تجادل لقصد الجدال والمراء،  فتنسى أنت ومن تجادل، عما كنتم تبتغون، بل كن كالذين  يجرون نحو ذلك النور، الذي أخذ لب الفراش حتى مضى فيه محترقًا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد