قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

الوجه الإعجازي في سورة المسد


الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
قال تعالى : {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد : 1 - 5] .
علمنا أن هذه الآيات نزلت في مكّة والقرآن أخبر بتأكيد كامل أن أب لهب وامرأته من أهل النّار ، أي سوف لا يؤمنان أبداً . وهكذا كان كثير من مشركي مكّة آمنوا عن إيمان أو عن استسلام . لكن هذين الزوجين لم يؤمنا لا حقيقة ولا ظاهراً . وهذا من أنباء الغيب في القرآن . وفي القرآن الكريم مثل هذه الأخبار في آيات أُخرى .
وتشكل بمجموعها فصلًا من فصول إعجاز القرآن تحت عنوان «الأخبار الغيبية». وكان لنا بحوث عندها.


جواب عن سؤال
القرآن أخبر عن أبي لهب بأنّه سيصلى النّار ، أي أنّه سيموت كافراً ولن يؤمن أبداً . وبهذا لا يمكن لأبي لهب أن يؤمن لأن نبوءة القرآن ستكون عندئذ كاذبة . وإلاّ سيكون أبو لهب مجبراً على الكفر . وليس له اختيار؟!
مثل هذا السؤال يطرح عن علم الله سبحانه في مبحث الجبر والتفويض . وهو إنّ الله سبحانه يعلم من الأزل بكل شيء . بطاعة المطيعين ومعصية المذنبين أيضاً .
ألا يكون العصاة بذلك مجبرين على الذنب ؟ وإن لم يكونوا كذلك ألا يتبدل علم الله إلى جهل ؟!
الفلاسفة الإسلاميون أجابوا عن هذا السؤال منذ القديم ، وقالوا إنّ الله سبحانه يعلم ما يفعله كل شخص بالاستفادة من حريته واختياره . ففي هذه الآيات مثلًا يعلم الله منذ البداية أنّ أبا لهب وزوجته سيختاران بإرادتهما وعن رغبتهما طريق الكفر ، لا بالإجبار .
بعبارة أُخرى ، عنصر الحرية والاختيار أيضاً جزء ممّا هو معلوم عند الله تعالى . إنّه على علم بما يعمله العباد وهم مختارون متمتعون بالإرادة والحرية .
ومن المؤكّد أنّ مثل هذا العلم والإخبار عن المستقبل ، تأكيد على الاختيار ، لا على الإجبار. (تأمل بدقّة).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد