
الشيخ جعفر السبحاني
يعرّفنا كتاب الله العزيز على وجود مجموعتين من الأئمّة والأوليّاء والقادة للأمّة: وليّ ظاهر باسط اليد، تعرفه الأمّة وتقتدي به، ووليّ غائب مستور، لا يعرفه حتّى نبيّ زمانه، كما أخبر سبحانه عن مصاحِب موسى عليه السلام بقوله: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ الكهف:65 – 66.
فالقرآن، إذاً، يدلّ على أنّ الوليّ ربّما يكون غائباً، ولكنّه يتصرّف في مصالح الأمة ويرعى شؤونها من دون أن يعرفه أفرادها. فعلى ضوء الكتاب الكريم، يصحّ لنا أن نقول بأنّ الوليّ إمّا وليّ حاضر مشاهَد، أو غائب محجوب. وإلى ذلك يشير الإمام عليّ بن أبي طالب في كلامه لكميل بن زياد النخعي، يقول كميل: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبّان، فلمّا أصحر، تنفّس الصعداء، وكان ممّا قاله: «اللّهمّ، لا تخلو الأرض من قائمٍ لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حُجج الله وبيّناته».
غيبة موسى بن عمران ويونس عليهما السلام
ليّست غَيبة الإمام المهديّ، بدعاً في تاريخ الأوليّاء، فموسى بن عمران عليه السلام قد غاب عن قومه قرابة أربعين يوماً، وكان نبيّاً وليّاً، وقد ذكر الله ذلك في القرآن الكريم: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ الأعراف:142.
ويونس عليه السلام كان من أنبياء الله سبحانه، ومع ذلك فقد غاب في الظلمات، يقول تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ الأنبياء:87 – 88.
انتفاع الناس بالإمام رغم غَيبته
ولكن، ما فائدة نبيّ يغيب عن الأبصار، ويعيش بعيداً عن قومه؟ الجواب في هذا المقام هو الجواب في الإمام المهديّ عليه السلام، وهو من وجوه:
* أنّ الغَيبة لا تلازم عدم التصرّف في الأمور، وعدم الاستفادة من وجوده، فهذا مصاحب موسى كان وليّاً، لجأ إليه أكبر أنبياء الله في عصره، فقد خرق السفينة ليصونها عن غصْب الملك لها، وبنى الجدار ليصون كنز اليتيميْن، فأيُّ مانع حينئذ من أنْ يكون للإمام الغائب في كلّ يوم وليّلة تصرّف من هذا النمط؟
ويؤيّد ذلك ما دلَّت عليه الروايات من أنَّه يحضُر الموسم في أشهُر الحجّ، ويصاحب الناس، ويغيثُ المضطرّين، وربّما يتكفّل -بنفسه الشريفة- قضاء حوائجهم، وإنْ كان الناس لا يعرفونه.
* المسلَّم هو عدم إمكان وصول عموم الناس إليه في غَيبته، وأمّا عدم وصول الخواصّ إليه، فليس بأمر مسلَّم، بل الذي دلّت عليه الروايات خلافه، فالصلحاء من الأمّة الذين يُستدرّ بهم الغمام، لهم التشرّف بلقائه، والاستفادة من نور وجوده، وبالتالي تستفيد الأمّة بواسطتهم.
* لا يجب على الإمام أن يتولّى التصرّف في الأمور الظاهرية بنفسه، بل له تولية غيره، كما فعل الإمام المهديّ -أرواحنا له الفداء- في الغَيبة الصغرى، فكان له وكلاء أربعة، يقومون بحوائج الناس. وفي الغَيبة الكبرى نَصَب الفقهاء والعلماء العدول العالمين بالأحكام، يعملون على صيانة الشرع عن التحريف، وبيان الأحكام للناس ونظم أمورهم.
وإلى هذه الأجوبة أشار الإمام المهديّ عليه السلام في آخر توقيعٍ له إلى بعض نوابه، بقوله: «وأمّا وجهُ الانتفاع بي في غَيبتي، فكالانتفاع بالشّمس إذا غيَّبها عن الأبصار السحاب».
ممهّدات الظهور
هناك أمور تمهّد لظهور الإمام عجّل الله تعالى فرجه، وتسهّل تحقيق أهدافه، أبرزها :
1 - الاستعداد العالمي: إنَّ المجتمع الإنساني -وبسبب شيوع الفساد- يصل إلى حدّ، يقنط معه من تحقّق الإصلاح بيد البشر، ويحمله ضغط الظلم والجور على أن يذعن ويقرّ بأنَّ الإصلاح لا يتحقَّق إلاَّ بظهور إعجاز إلهيّ، وحضور قوَّة غيبيَّة تدمِّر كلّ تلك التكتلاَّت البشريّة الفاسدة.
2 - تكامل العقول: الحكومة العالميّة للإمام المهديّ عليه السلام لا تتحقَّق بالحروب والنيران والتدمير الشامل للأعداء، وإنّما تتحقَّق برغبة الناس إليها، وتأييدهم لها، لتكامُل عقولهم ومعرفتهم. يشير الإمام الباقر عليه السلام إلى ذلك بالقول: «إذا قام قائمُنا، وضع اللهُ يدَه على رؤوس العباد، فجمعَ بها عقولهم، وكمُلتْ به أحلامُهم».
3- الجيش الثوري العالمي: حكومة الإمام المهديّ، وإنْ كانت قائمة على تكامل العقول، لا تستغني عن جيش فدائي ثائر وفعَّال، يمهِّد الطريق للإمام عليه السلام، ويواكبه بعد الظهور إلى تحقُّق أهدافه وغاياته المتوخّاة.
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
الشيخ معين دقيق العاملي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
انظر.. تبصّر.. هو الله
الشيخ شفيق جرادي
قرية كافرة بأنعم الله
الشيخ محمد جواد مغنية
لا مُعين سواه
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
(ما رأيت إلّا جميلاً) باكورة أعمال الكاتبة نور الشخص
معنى (قضى) في القرآن الكريم
النّفاق والتّظاهر
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
حياتنا بين البخل والترف
ندوة بعنوان: كيف تؤثّر الفلسفة في الأدب؟ لنادي أطياف الأدبيّ
تجهيز البيت: بين البساطة والتكلّف
الإيمان والعمل الصالح