لا شكّ أنّ لسان القرآن، الذي خاطب به نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، هو لسان قومه العرب الذين عاصرهم وعاش في أوساطهم. (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) «1». (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) «2». (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) «3»، (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) «4».
روى أبو الفتح الكراجكي (ت 449) حديثًا عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «إنّ اللّه أنزل القرآن عليّ بكلام العرب والمتعارف في لغتها» «5».
غير أنّ السؤال هو: أنّ لسان القرآن العربي، هل هو لسان المتفاهم العامّ (العرف العامّ) ليكون عامّة الناس هم المخاطبين بخطابات القرآن، وأنّهم هم المقصودون بلحن الخطاب، ولو في ظاهر التنزيل وفي المرحلة الأولى في إفادة الكلام أم هم أولئك المتعمّقون من أصحاب النظر والاستدلال، دون من سواهم من سائر الناس؟!
لكنّا إذا عرفنا أنّ لإفادة الكلام مراحل، من ظاهر سطحيّ وباطن عمقيّ، ولكلّ من ذلك مراتب حسب مستوى فهم السامعين، سواء الحاضر منهم المعاصر أم الغائب النائي أو الآتي على امتداد الزمان. إذا عرفنا ذلك، انحلّت لدينا مشكلة اختلاف مستويات المخاطبين في الخطاب العامّ وكان لكلّ (من مختلف طبقات الناس) حظّه من إفادات الكلام المتلاحقة.
الأمر الذي أكّد عليه رسول الإسلام صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أوّل يومه، مصرّحًا بأنّ للقرآن ظهرًا وبطنًا أي دلالات جليّة بحسب ظاهر التنزيل، وأخرى دلالات خفيّة باطنة، وإنّما تستجلى بعد التدبّر والإمعان في التأويل. ومن ثمّ جاء الأمر بالتدبّر وتعميق النظر فيه، وكذا التعقّل والتفكّر في مطاويه، فكلّما كان التدبّر أعمق، كان المعنى المتحصّل منه أفخم وأوسع وأشمل، حتّى يبلغ الآفاق.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «له ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق... لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه» «6».
وورد: أنّ القرآن على أربعة وجوه: على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق، فالعبارة (الظاهرة بحسب التعبير اللفظي) للعوامّ، أي لسائر الناس ممّن كانوا على المستوى العامّ.
أمّا الإشارات والنكات الدقيقة، والتي هي بحاجة إلى تدبّر وتعمّق وتفكير، فهي للخواصّ، أي المتعمّقين من أهل الدقّة والنظر «7».
إذن أصبح القرآن في إفاداته موجّها خطابه نحو العموم، ومراعيًا جانب اختلاف المستويات، بشكل بلاغيّ بديع...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إبراهيم 14: 4.
(2) الدخان 44: 58.
(3) القمر 54: 17.
(4) الزمر 39: 28.
(5) كنز الفوائد: 285 - 286؛ البحار 9: 282 / 6.
(6) الكافي 2: 599 / 2.
(7) جامع الأخبار: 116 / 211 - 15.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد جواد البلاغي
حيدر حب الله
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد علي التسخيري
الشيخ باقر القرشي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
الشيخ حسن المصطفوي
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
حقائق حول الخسوف والكسوف
عوائق وعوامل صعود الأعمال
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ..}
النص القرآني: المكانة والدّور
مشاهير مفسري الشيعة في القرنين الخامس والسادس (1)
منهج أهل البيت (ع) في بناء الإنسان الكامل (1)
وصايا النبي (ص) التربوية إلى الإمام أمير المؤمنين (ع) (1)
(عصمة الرسول الأعظم في القرآن الكريم) كتاب جديد للسّيد ضياء الخباز
اختيار النبيّ (ص) لخديجة (ع)
المذاهب الأخلاقية