
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (سورة يوسف 18).
غير أن "الصبر" ليس هو أن يتحمّل الإنسان ما حمله من الرزية، وينقاد لمن يقصده بالسوء انقياداً مطلقاً كالأرض الميتة التي تطؤها الأقدام وتلعب بها الأيدي، فإنّ الله سبحانه طَبَعَ الإنسان على دفع المكروه عن نفسه، وجهّزه بما يقدم به على النوائب والرزايا ما استطاع.
ولا فضيلة في إبطال هذه الغريزة الإلهية، بل "الصبر" هو الاستقامة في القلب، وحفظ النظام النفساني الذي به يستقيم أمر الحياة الإنسانية من الاختلال، وضبط الجمعية الدّاخلية من التفرّق والتّلاشي ونسيان التدبير واختباط الفكر وفساد الرأي.
فالصابرون هم القائمون في النوائب على ساقٍ لا تزيلهم هجمات المكاره، وغيرهم المنهزمون عند أوّل هجمة ثم لا يلوون على شيء.
ومن هنا يُعلم أن "الصبر" نِعْمَ السبيل على مقاومة النائبة وكسر سورتها، إلا أنه ليس تمام السبب في إعادة العافية وإرجاع السلامة، فهو كالحصن يتحصّن به الإنسان لدفع العدو المهاجم.
وأما عود نعمة الأمن والسلامة وحرية الحياة، فربما احتاج إلى سبب آخر يجرُّ إليه الفوز والظفر، وهذا السبب في مِلّة التوحيد هو الله عزّ سلطانه.
فعلى الإنسان الـمُوحِّد إذا نابته نائبة ونزلت عليه مصيبة، أن يتحصّن أوّلاً بالصبر حتى لا يختلّ ما في داخله من النظام العبودي، ولا يتلاشى معسكر قواه ومشاعره.
ثم يتوكّل على ربّه الذي هو فوق كلِّ سبب، راجياً أن يدفع عنه الشرّ ويوجِّه أمره إلى غاية صلاح حاله، والله سبحانه غالب على أمره...
ولهذا كلّه لـمّا قال يعقوب (ع): {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} عقبه بقوله: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} فتمّم كلمة "الصبر" بكلمة "التوكّل" نظير ما أتى به في قوله في الآيات المستقبلة: "فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا إنه هو العليم الحكيم": الآية 83 من السورة.
فقوله: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} -وهو من أعجب الكلام- بيانٌ لتوكّله على ربّه...
فظهر أن قوله: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} دعاءٌ في موقف "التوكّل" ومعناه: اللهم إني توكلتُ عليك في أمري هذا فكُنْ عوناً لي على ما يصفه بني هؤلاء.
والكلمة مبنية على توحيد الفعل فإنّها مسوقةٌ سوق الحصر، ومعناها: أن الله سبحانه هو المستعان لا مستعان لي غيره فإنّه (ع) كان يرى أن لا حكم حقاً إلا حكم الله كما قال في كلامه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}.
ولتكميل هذا التوحيد بما هو أعلى منه لم يذكر نفسه فلم يقل: "سأصبر" ولم يقل: "والله أستعين على ما تصفون" بل ترك نفسه وذكر اسم ربه، و إن الأمر منوطٌ بحكمه الحق، وهو من كمال توحيده، وهو مستغرقٌ في وَجْدِهِ وأسفه وحزنه ليوسف، غير أنه ما كان يحب يوسف ولا يَتَوَلَّهُ فيه، ولا يجد لفقده إلا لله وفي الله.
حقيقة التوكّل
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
معنى (أمس) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
السيد عباس نور الدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
عدنان الحاجي
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
الشيخ علي رضا بناهيان
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
حقيقة التوكّل
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
معنى (أمس) في القرآن الكريم
طلاء شفّاف لتحويل النوافذ إلى ألواح شمسية بشكل غير مرئي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
آل سعيد: لا تفاقموا مشكلات المراهقين
حقيقة التّكبّر
معنى (فره) في القرآن الكريم
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟