
لما امتن اللّه تعالى على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والمسلمين، بإرسال النبي الكريم منهم إليهم نعمة لا تقدر بقدر ومنحة على منحة - وهو ذكر منه لهم - إذ لم ينسهم في هدايتهم إلى مستقيم الصراط، وسوقهم إلى أقصى الكمال، وزيادة على ذلك، وجعل القبلة، التي فيها كمال دينهم، وتوحيد عبادتهم، وتقويم فضيلتهم الدينية والاجتماعية فرّع على ذلك دعوتهم إلى ذكره وشكره، ليذكرهم بنعمته على ذكرهم إياه بعبوديته وطاعته، ويزيدهم على شكرهم لنعمته وعدم كفرانهم، وقد قال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) «1». وقال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم)ْ «2»، والآيتان جميعًا نازلتان قبل آيات القبلة من سورة البقرة.
ثم إن الذكر ربما قابل الغفلة كقوله تعالى: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) «3». وهي انتفاء العلم بالعلم، مع وجود أصل العلم، فالذكر خلافه، وهو العلم بالعلم، وربما قابل النسيان وهو زوال صورة العلم عن خزانة الذهن، فالذكر خلافه، ومنه قوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ).
وهو حينئذ كالنسيان معنى وذو آثار وخواص تتفرع عليه، ولذلك ربما أطلق الذكر كالنسيان في موارد تتحقق فيها آثارهما وإن لم تتحقق أنفسهما، فإنك إذا لم تنصر صديقك - وأنت تعلم حاجته إلى نصرك - فقد نسيته، والحال أنك تذكر ، وكذلك الذكر.
والظاهر أن إطلاق الذكر على الذكر اللفظي من هذا القبيل، فإن التكلم عن الشيء من آثار ذكره قلبًا، قال تعالى: (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) «4»، ونظائره كثيرة، ولو كان الذكر اللفظي أيضًا ذكرًا حقيقة فهو من مراتب الذكر، لأنه مقصور عليه ومنحصر فيه، وبالجملة: الذكر له مراتب كما قال تعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) «5»، وقال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) «6»، وقال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) «7»، فالشدة إنما يتصف به المعنى دون اللفظ، وقال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) «8».
وذيل هذه الآية تدل على الأمر برجاء ما هو أعلى منزلة مما هو فيه، فيؤول المعنى إلى أنك إذا تنزلت من مرتبة من ذكره إلى مرتبة هي دونها، وهو النسيان، فاذكر ربك وارج بذلك ما هو أقرب طريقًا وأعلى منزلة، فينتج أن الذكر القلبي ذو مراتب في نفسه، وبذلك يتبين صحة قول القائل: إن الذكر حضور المعنى عند النفس، فإن الحضور ذو مراتب.
ولو كان لقوله تعالى، فاذكروني - وهو فعل متعلق بياء المتكلم حقيقة من دون تجوز، أفاد ذلك أن للإنسان سنخًا آخر من العلم غير هذا العلم المعهود عندنا الذي هو حصول صورة المعلوم ومفهومه عند العالم، إذ كلما فرض من هذا القبيل فهو تحديد وتوصيف للمعلوم من العالم، وقد تقدست ساحته سبحانه عن توصيف الواصفين، قال تعالى: (سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) «9»، وقال: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) «10».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الكهف: 24.
(2) سورة إبراهيم: 7.
(3) سورة الكهف: 28.
(4) سورة الكهف: 83.
(5) سورة الرعد: 28.
(6) سورة الأعراف: 205.
(7) سورة البقرة: 200.
(8) سورة الكهف: 24.
(9) سورة الصافات: 160.
(10) سورة طه: 110.
معنى (كوى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
عناصر الحياة نعم كبرى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
هل تصورت الفراغ يومًا؟
الشيخ شفيق جرادي
اصنع ما تصنعه النملة!
عبدالعزيز آل زايد
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (4)
محمود حيدر
البيـت: قانون أو محبّة؟
الشيخ حسين مظاهري
الدماغ يوظف المعرفة القبلية بعد تفكيكها وإعادة تركيبها
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (8): اذكروني أذكركم
الشيخ محمد مصباح يزدي
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
النمو السريع لهيكل رئيسي للدماغ قد يكون وراء مرض التوحد
معنى (كوى) في القرآن الكريم
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (2)
عناصر الحياة نعم كبرى
هل تصورت الفراغ يومًا؟
الرّويعي يدشّن ديوانه الشّعريّ الجديد (عطر الشّجرة الوحيدة)
اصنع ما تصنعه النملة!
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}
معني (أبّ) في القرآن الكريم
ما نأكله يُسبب السّمنة والأمراض، لكنّ الحلول في متناول اليد