
لا شك أنّ «الأجل المسمى» و «أجلا» في الآية (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (1) مختلفتان في المعنى، أمّا اعتبار الإثنين بمعنى واحد فلا ينسجم مع تكرار كلمة «أجل» خاصّة مع ذكر القيد: «مسمى» في الثّاني.
لذلك بحث المفسّرون كثيرا في الاختلاف بين التعبيرين، والقرائن الموجودة في القرآن والرّوايات التي وصلتنا عن أهل البيت عليهمالسلام تفيد أنّ «أجل» وحدها تعني غير الحتمي من العمر والوقت والمدّة ، و «الأجل المسمى» بمعنى الحتمي منها، وبعبارة أخرى «الأجل المسمى» هو «الموت الطبيعي» و «الأجل» هو الموت غير الطبيعي.
ولتوضيح ذلك نقول: إنّ الكثير من الموجودات لها من حيث البناء الطبيعي والذاتي الاستعداد القابلية للبقاء مدّة طويلة، ولكن قد تحصل خلال ذلك موانع تحول بينها وبين الوصول إلى الحد الطبيعي الأعل ، افترض سراجًا نفطيًّا يستطيع أنّ يبقى مشتعلًا مدّة عشرين ساعة مع الأخذ بنظر ااإعتبار سعته النفطية، غير أن هبوب ريح قوية، أو هطول المطر عليه أو عدم العناية به، يكون سببًا في قصر مدّة الإضاءة، فإذا لم يصادف السراج أي مانع، وظل مشتعلًّا حتى آخر قطرة من نفطه ثمّ انطفأ نقول: إنّه وصل إلى أجله المحتوم، وإذا أطفأته الموانع قبل ذلك، فيكون عمره «أجل» غير محتوم.
والحال كذلك بالنسبة للإنسان، فإذا توفرت جميع ظروف بقائه وزالت جميع الموانع من طريق استمرار حياته، فإن بنيته تضمن بقاءه مدّة طويلة إلى حد معيّن، ولكنّه إذا تعرض لسوء التغذية، أو ابتلى بنوع من الإدمان، أو إذا انتحر، أو أعدم لجريمة ومات قبل تلك المدّة، فإنّ موته في الحالة الأولى يكون أجلًا محتومًا، وفي الحالة الثّانية أجلًا غير محتوم.
وبعبارة أخرى: الأجل الحتمي يكون عندما ننظر إلى «مجموع العلل التامّة». والأجل غير الحتمي يكون عندما ننظر إلى «المقتضيات» فقط.
استنادًا إلى هذين النوعين من الأجل يتّضح لنا كثير من الأمور، من ذلك مثلًا ما نقرؤه في الرّوايات والأحاديث من أن صلة الرحم تطيل العمر، وقطعها يقصر العمر، وواضح أنّ العمر هنا هو الأجل غير الحتمي.
أمّا قوله تعالى: (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (2). فهو الأجل المحتوم، أي أنّ الإنسان قد وصل إلى نهاية عمره، وهو لا يشمل الموت غير المحتوم السابق لأوانه.
ولكن علينا أن نعلم ـ على كل حال ـ أنّ الأجلين يعينهما الله، الأوّل بصورة مطلقة، والثّاني بصورة معلقة أو مشروطة، وهذا يشبه بالضبط قولنا: إنّ هذا السراج ينطفئ بعد عشرين ساعة بدون قيد ولا شرط، ونقول إنّه ينطفئ بعد ساعتين إذا هبت عليه ريح، كذلك الأمر بالنسبة للإنسان والأقوام والملل، فنقول: إنّ الله شاء أن يموت الشخص الفلاني أو أن تنقرض الأمّة الفلانية بعد كذا من السنين، ونقول إنّ هذه الأمّة إذا سلكت طريق الظلم والنفاق والتفرقة والكسل والتهاون فإنّها ستهلك في ثلث تلك المدّة، كلا الأجلين من الله، الأوّل مطلق والآخر مقيد بشروط.
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام تعقيبًا على هذه الآية قوله: «هما أجلان: أجل محتوم وأجل موقوف» كما جاء عنه في أحاديث أخرى أنّ الأجل الموقوف قابل للتقديم والتأخير، والأجل الحتمي لا يقبل التغيير. (3)
ـــــــــــــــــــــــ
1- سورة الأنعام: 2
2- الأعراف ، 34.
3- تفسير «نور الثقلين» ، ج 1 ، ص 504.
معنى (ودق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
هل قاتلت الملائكة؟
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
الشيخ محمد مصباح يزدي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (ودق) في القرآن الكريم
هل قاتلت الملائكة؟
أهمّ عشرة اكتشافات علمية في الفيزياء لعام 2025
تزكية النّفس أوليّة مقدّمة على كلّ شيء
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (2)
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
معنى (سبل) في القرآن الكريم
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)