الشيخ جوادي آملي
استناداً إلىٰ الآية الكريمة: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِين}[1] فإنّ اليقينَ ثمرة وفائدة العبادة وليسَ هو الحد العدمي لها. وهنا لابدّ أن نأتي علىٰ بيان هذه الحقيقة وهي أنّ اليقين الّذي يحصل بواسطة العبادة يختلف عن اليقين الّذي يحصل من البحث العلمي أو رؤية المعجزة.
اليقين يحصل من طرق متعدّدة، واليقين الناتج من عوامل وأسباب مختلفة ليس في درجة واحدة، مثلاً اليقين الّذي حصل لفرعون وأعوانه برؤية معجزة عصا موسىٰ لم يكن ذلك اليقين الّذي يهديهم ويخرجهم من الظلمات إلىٰ النور. فعندما تحوّلت عصا موسىٰ إلىٰ ثعبان يسعىٰ وابتلع سحر السَحرة اتّضح لفرعون وملائه أنّ موسىٰ (عليه السلام) علىٰ حقّ، لكنّ أولئك مع ما حصل لهم من اليقين فقد أنكروا آيات الله البيّنة والمُبيِّنة: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِين}.[2] كذلك اليقين العلميّ للعلماء الّذين هم بغير عمل فإنّه لا أثر له، لكنّ نور اليقين الّذي يضيء بمصباح العبادة ويشعّ علىٰ روح العابد فهو مؤثّر ومنقذ للعابد.
وأنّ سرَّ ومنشأ فساد الإنسان واستسلامه للذنب هو أنّ الذنوب قد اكتست بغطاء من حلاوة اللذّات، والإنسان الساذج والمغفّل يرىٰ هذا الغطاء والقشر الخارجيّ ويعجز عن رؤية باطنه فيتقدّم نحوه رغبة وشوقاً إلىٰ ذلك الغطاء الحلو فيقع في فخّ الباطن.
وأمّا اُولئك الّذين بلغوا نور اليقين بالعبادة فلديهم قدرة علىٰ رؤية الباطن والخارج، فلا يدنّسون أنفسهم أبداً بالذنب الّذي باطنه سمّ مهلك ونار محرقة.
وأولئك الّذين نالوا بالعبادة (علم اليقين) ستصبح لديهم القدرة علىٰ رؤية نار جهنّم كما يعلن ذلك القرآن بصراحة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ... ٭ ... كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ٭ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم}.[3]
أولئك الّذين تحرّروا من فخّ التكاثر[4] وتزيّنوا بعلم اليقين الّذي هو ثمرة العبادة (وليس البرهان والاستدلال) فهم يرون جهنّم الآن، كما أنّ أنصار سيّد الشهداء (عليه السلام) في ليلة عاشوراء وبعد أن صمّموا وعقدوا العزم علىٰ نصرة الإمام، فقد رأوا بواسطة الإمام منازلهم في الجنّة: (وهذا لا يعني أنّهم قد قاتلوا مع الإمام بسبب رؤية الجنّة وطمعاً بها).
إذن فاليقين الحاصل من العبادة هو الشهود، وبما أنّ درجاته لاحدّ لها، فالهدف النهائيّ من العبادة أيضاً لا حدَّ له أيضاً.
ـــــــــــــ
[1] . سورة الحجر، الآية 99.
[2] . سورة النمل، الآية 14.
[3] . سورة التكاثر، الآيات 1 ـ 6.
[4] . إنّ الجميع مبتلىٰ بالتكاثر إلاّ القليل من الناس: «كلّ القوم ألهاهم التكاثر» (البحار، ج75، ص152) فالبعض مبتلىٰ بالتكاثر في المال، والبعض مبتلىٰ بالتكاثر في الأولاد والقبيلة، وآخرون ممّن يعملون في مجال العلم والثقافة مبتلون بالتكاثر في المستمع والتلميذ والقارئ والمأموم و... فالشيطان لم ينصب فخّ التكاثر للأثرياء وعبيد المال فحسب، فلا يُتوهم أنّ مدارس العلم وساحات الثقافة خالية من التكاثر. وفي القيامة سيظهر جليّاً أنّ الاهتمام بإقبال المأمومين والتلاميذ وإدبارهم وأمثال ذلك ماذا يجلب من العذاب.
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد الريشهري
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عدنان الحاجي
الفيض الكاشاني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ نجم الدين الطبسي
د. سيد جاسم العلوي
جاسم بن محمد بن عساكر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
سفينة البحار ومدينة الحِكم والآثار
تمهيد في تعريف المفهوم
الكسل عنوان الفشل
يوسف الصدّيق، أسوة الشباب في القرآن الكريم
آثار الانتظار (2)
الألفة والانفراديّة في القرآن الكريم (2)
إظهار مشاعر الاندهاش والإجلال تجاه الطّفل تجعل تربيته أكثر سعادة
وعلى هواك
منشأ العصمة وسببها
الألفة والانفراديّة في القرآن الكريم (1)