قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

سبيل غلبة العقل على النفس

السبيل لغلبة العقل على النفس في الحرب بينهما هو «الفكر»، و«الذكر»، و(الشكر)، والطريق لانتصار النفس على العقل في هذه الحرب هو «المكر»، و«الذهول»، و«كفران النعمة».

 

أما الأسلوب الذي تتبعه النفس في هجومها على العقل فهو - بادئ ذي بدء - الوسوسة له: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]. ومن ثم تزيين الباطل في عين الإنسان: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 18]، إلى حد يرى فيه الإنسان، المخدوع بنفسه والمحب لها، سيئاته حسنات: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].

 

في الحرب الداخلية، التي لا سبيل للفرار ولا للصلح فيها، تكون نتيجة الصراع والجهاد الأكبر إما النصر، أو الأسر، أو الشهادة، ومن هذا المنطلق فإن عاقبة الجهاد الأكبر عند أولياء الله هي انتصار العقل؛ وعند الكفار والمنافقين والفساق من المؤمنين هي أسر العقل؛ وعند المؤمنين المتوسطين العدول هي استشهاد العقل.

 

أي، إن الإنسان المؤمن المتوسط يقضي حياته، حتى آخر لحظة فيها، في معركة الجهاد الأكبر وفي صراع مستمر، فلا يغلب فيصبح أسيراً، ولا يغلب فيصير أميراً، ويموت وهو على هذه الحال. مثل هذا الموت في الجهاد الأكبر، حيث لا أسر ولا إمارة، سوف يؤول إلى الشهادة.

 

ولعل بعض النصوص الروائية التي تعتبر وفاة المؤمن على فراش الموت شهادة ناظر إلى هذا المعنى. قال منهال القصاب للإمام الصادق عليه السلام: ادع الله أن يرزقني الشهادة. فقال الإمام [عليه السلام]: «المؤمن شهيد»(1)، ثم تلا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحديد: 19].

 

الغنيمة في الحرب الخارجية الظاهرية هي السلاح والمال، أما الغنيمة في الحرب الداخلية الباطنية بالنسبة للمقاتل المنتصر فهي أسر الشيطان ووسائل إغوائه، أي النفس، الأمارة، فالشيطان عندما يصبح أسير العقل فإنه لن يعود قادراً على الإغواء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

1. تأويل الآيات، ص639؛ وبحار الأنوار، ج24، ص38.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد