يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]
لقد طرحت في التعبير عن اليهود بعبارة (الذين هادوا) وتسمية المسيحيين باسم (النصارى) مباحث جمة، أي التعبير عن اليهود بالفعل الماضي وعن المسيحيين بالاسم، كما طُرحت مباحث حول كون مفردة اليهود عبرية أم عربية وعن الوجه في هذه التسمية....
إنّ أحد الوجوه في تسمية بني إسرائيل باسم «اليهود» هو كون التهود لوناً من حركة معينة؛ فاليهود يحركون أبدانهم على نحو دقيق عند قراءتهم للتوراة وهم يعتقدون بأنّ السماوات والأرضين قد تحركت أثناء نزول التوراة على موسى (عليه السلام) (1).
وبالإغماض عن أصل وجه التسمية وصرف النظر عن سيرة اليهود أثناء تلاوتهم للتوراة، فإنه فيما يتعلق بجلال الوحي وعظمة كلام الله عز وجل وتأثيره على السماء والغبراء يمكننا القول: إنّ أصل كلام الله والإيحاء الإلهي مطروح في جميع الصحف السماوية وإن اختلفت درجاتها؛ بمعنى أن المرحلة النازلة لما ورد في القرآن الكريم قابلة للترسيم في نزول التوراة والإنجيل.
فالله سبحانه وتعالى يقول في عظمة القرآن الكريم: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21] أَي إِن الجبل العظيم لا يطيق تحمل العبء المعنوي والثقيل للوحي، {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الشورى: 3 - 5].
ظاهر أمثال هذه الآيات القرآنية يوحي بأن حقيقة الوحي هي موجود ثقيل كما جاء في الآية: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] وعندما يتجلى الوحي ويتنزل كلام الله من الغيب إلى الشهادة يظهر هذا الثقل المعنوي والوزن الملكوتي في عالم المادة والمُلك، حتّى إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان عندما يتلقى بعض مراحل الوحي تصيبه - أحياناً ـ الدهشة، لا فقدان، وكانت تعرض عليه (صلى الله عليه واله وسلم) الغشية، وليس الإغماء (2).
من هذا المنطلق فإن السماوات والأرضين ـ التي هي المجلى الملكي لمثل هذا الحدث الملكوتي - تصاب بالترنح والاضطراب حتى لكأنها آيلة إلى التفطر والانهدام، وفي مثل هذه البارقة الإلهية ليس هناك من فرق بين القرآن والتوراة وأمثالهما؛ لأن هذه هي خصوصية الوحي الإلهي على الرغم من اختلاف مراتبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. راجع مجمع البيان، ج 1 - 2، ص 258.
2. عن عبيد بن زرارة عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك! الغشية التي كانت تصيب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذا أنزل عليه الوحي، فقال: ذاك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد، ذاك إذا تجلى الله له .... (التوحيد للصدوق، ص 115؛ وبحار الأنوار، ج 18، ص 256).
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد جعفر مرتضى
محمد رضا اللواتي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد صنقور
السيد علي عباس الموسوي
د. سيد جاسم العلوي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
قصة أصحاب الكهف في القرآن
إحياء الموسم الحسيني... حياة
دقائق في القرآن هي روائع في التعبير (6)
الفجوة بين عمر الدماغ الزمني والبيولوجي وتأثيرها على التفكير والذاكرة
الحالة العامة في معسكر الأعداء (2)
زكي السالم: جرّب أن تكون اللّغة آخر همّك
الصبر والثبات في أيام الشدّة
سؤال عن أخلاق مرحلة (ما بعد الإنسانية)
كيف نواجه الأزمات والابتلاءات؟
رحلة إلى بلاد الألف ملّة