
يظهر من أقوال علماء اللّغة أنّ الفعل الثلاثيّ المجرّد من مادّة «أمن» يُستعمل ضدّ الخوف، كما قال سبحانه: ﴿..وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا..﴾ النور:55، وأمّا المزيد منه، فالمقرون بالباء أو اللام، يأتي بمعنى التصديق، كقوله سبحانه: ﴿آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ..﴾ البقرة:285، وقوله عزّ من قائل: ﴿..وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا..﴾ يوسف:17.
وأما المتعدّي بنفسه فهو بمعنى ضدّ أخاف.
وعلى ذلك درج المتكلّمون في تعريف الإيمان حيث فسرّوه بالتصديق؛ قال عضد الدين الإيجي في (شرح المواقف): «الإيمان: التصديق للرسول فيما عُلم مجيئه به ضرورةً، فتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً».
وقال التفتازاني في (شرح المقاصد): «الإيمان: اسمٌ للتصديق عند الأكثرين؛ أي تصديق النبيّ فيما عُلم مجيئه به بالضرورة».
وأمّا أكثر أعلام الشيعة، ففسّروه بالتصديق؛ ونقتصر من أقوالهم على ما يلي:
قال الشريف المرتضى في (الذخيرة): «إنّ الإيمان عبارة عن التصديق القلبيّ، ولا اعتبار بما يجري على اللّسان، فمن كان عارفاً بالله تعالى وبكلّ ما أوجب معرفته، مقرّاً بذلك ومصدّقاً فهو مؤمن».
وقال ابن ميثم البحراني في (قواعد المرام): «إنّ الإيمان عبارة عن التصديق القلبيّ بالله تعالى، وبما جاء به رسوله من قولٍ أو فعلٍ، والقول اللّسانيّ سببُ ظهوره، وسائر الطاعات ثمراتٌ مؤكِّدة له».
وقال نصير الدين الطوسي: «الإيمان التصديق بالقلب واللّسان، ولا يكفي الأوّل لقوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ..﴾ النمل:14، ونحوه، ولا الثاني لقوله: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ..﴾ الحجرات:14»، واختاره العلّامة الحلّي في (كشف المراد)؛ شرحِه لكلام المحقّق الطوسي.
نعم، فسّره الطبرسيّ في (تفسيره) بالمعرفة، وقال: «أصل الإيمان هو المعرفة بالله وبرسوله وبجميع ما جاءت به رسله، وكلّ عارفٍ بشيء فهو مصدّقٌ له». ونسبه الشهيد الثاني إلى أصحابنا. ولكنّه تفسيرٌ له بالمبدأ، فإنّ التصديق القلبيّ فرع المعرفة، فكلّ مصدّقٍ عارفٌ بما يصدّقه ولا عكس، إذ ربّما يعرف ولا يصدّق، قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ..﴾ البقرة:146، ومع العرفان ما كانوا مؤمنين.
والفرق بين التصديق والمعرفة واضح، لأنّ في الأوّل سكون النفس وهو كسبيٌّ اختياريّ يؤمَر به ويُثاب عليه، والمعرفة ربّما تحصل بلا كسب، والفرق بينهما كالفرق بين الإيمان والعلم، فلو كان التصديق ملازماً للتسليم فهو، وإلّا يشترط فيه وراء التصديق: التسليم؛ لقوله سبحانه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ النساء:65.
وبما ذكرنا يعلم عدم تمامية ما ذكره التفتازاني في ذيل كلامه المتقدّم، وهو أنّ الشيعة فسّرت الإيمان بالمعرفة كجَهم والصالحي، لما عرفت أنّه قول الطبرسي قدّس سرّه، وغيره، على ما نقله الشهيد الثاني، لا قول الشيعة بأجمعهم.
وحيث تقرّر أن الإيمان بمعنى التصديق، نقول: كونُ التصديق القلبيّ مقياساً للإيمان، غير القول بأنّ التصديق القولي أو القلبي المجرّدَين عن العمل يكفيان للنجاة، ولأجل ذلك تركّز الآيات على العمل بعد الإيمان، وتقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ البينة:7.
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ..﴾ طه:112.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ التوبة:119.
فلو كان العمل عنصراً مقوّماً للإيمان، فما معنى الأمر بالتقوى بعد فرض الإيمان؟ لأنّه يكون أشبه بطلب الأمر الموجود وتحصيل الحاصل.
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
الشيخ معين دقيق العاملي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
انظر.. تبصّر.. هو الله
الشيخ شفيق جرادي
قرية كافرة بأنعم الله
الشيخ محمد جواد مغنية
لا مُعين سواه
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟
(ما رأيت إلّا جميلاً) باكورة أعمال الكاتبة نور الشخص
معنى (قضى) في القرآن الكريم
النّفاق والتّظاهر
في رحاب بقية الله: عقيدة النجاة
حياتنا بين البخل والترف
ندوة بعنوان: كيف تؤثّر الفلسفة في الأدب؟ لنادي أطياف الأدبيّ
تجهيز البيت: بين البساطة والتكلّف
الإيمان والعمل الصالح