إنّ أعلى مرتبة تكامليّة للإنسان في الأديان السابقة كانت الوصول إلى حقيقة الكلمة المباركة «لا إله إلا الله»، وكان الوصول إلى هذه المرحلة متيسّرًا أيضًا من خلال الفناء في الأسماء والصفات؛ وذلك لأنّ مفهوم هذه الكلمة المباركة هو نفي أيّ نوعٍ من التأثير والسببيّة في عالم الأسباب والمسبّبات، وحصـر الحقيقة الوحيدة المؤثّرة في عالم الوجود بالذات المقدّسة، وبالتالي نفي أيّ نوعٍ من أنواع العبوديّة في قبال عبوديّة الحضـرة الأحديّة.
أمّا في مدرسة الإسلام فإنّ شعار مدرسة التوحيد قد خطا إلى مرتبة ومرحلة أبعد مِن مرتبة ومرحلة «لا إله إلا الله»، فبإعلان الكلمة المباركة: «الله أكبر»، قد وصل إلى أعلى النقاط الرفيعة للمعرفة، والتي تتحقّق من خلال فناء ذات السالك في ذات حضـرة الحقّ.
لم يكن إدراك السالك الواصل في الأديان السابقة بمعنى «الفناء الذاتي»، بل كان السالك يرى من خلال وصوله إلى حقيقة ومفهوم «لا إله إلّا الله» أنّ الله عزّ وجلّ هو المُتّصف بالمُحوضة في العبوديّة له، وبأنّ التأثير والعِليّة منحصرتان بالذات القدسيّة للحقّ، وبأنّ جميع آثار الوجود ترجع إليها، وهذا ممّا يلازم التوحيد الصفاتي والأفعالي، أمّا في مرتبة «الله أكبر» فلم يعد يوجد أيّ تعيّنٍ حتّى يُدرِك هذه المعاني؛ فالتعيّن هناك هو تعيُّن ذات الحقّ المقدّسة، وسيكون إدراك السالك الواصل هو نفس الإدراك والعلم الحضوري لحضـرة الحقّ، وكلّ كلامٍ وفعلٍ يصدر من الشخص الكامل في هذه المرتبة هو نفس كلام الله سبحانه وتعالى وفعله وإرادته ومشيئته. وهذا المقام هو نفس مقام «الصالحين» الذي أُشير إليه في القرآن.
ومن الجدير التنبيه على أنّ «الصلاح» في القرآن المجيد يُطلق على مرتبتين من مراتب الكمال والمعرفة: فالمقصود منه في المرتبة الأولى هو بلوغ مقام وحقيقة التوحيد في مرتبة «لا إله إلا الله»؛ كما فيما يتعلّق بالأنبياء والرسل الإلهيين، وكلّ الأنبياء الإلهيين قد وصلوا إلى هذه المرتبة.
بينما في المرتبة الثانية فقد وُعدَ البعض منهم بها في الآخرة كالنبيّ إبراهيم عليه السلام: {وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ}. وهذا المقام مختصٌّ برسول الإسلام الأكرم وأهل بيته المعصومين والأولياء الإلهيّين في الشـريعة المحمّدية، الذين ارتقوا قُلل عوالم المعنى الرفيعة الواحد تلو الآخر، وذلك باتّباع أوامر الإسلام الحقّة، والهمّة العالية، وإخلاص العمل، وصدق النية؛ حتّى عبروا في النهاية عن جميع شوائب الكثرة، واستقرّوا في مقام التوحيد الذاتي، وليس ذلك بمجرّد إدراك حقيقة التوحيد الأفعالي والصفاتي والأسمائي، وإنّما من خلال محو الذات والانمحاء في حقيقة الوجود بالصرافة المختصِّ بحضرة الحق، ولم يُبقوا لأنفسهم أثرًا من التعيّن والتشخّص.
في هذا المجال يقول أمير المؤمنين عليه السلام: «وَأَنِرْ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِيَاءِ نَظَرِهَا إِلَيْكَ حَتَّى تَخْرِقَ أَبْصَارُ القُلُوْبِ حُجُبَ النُّوْرِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ العَظَمَةِ، وَتَصِيْرَ أَرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ».
إنّ وصول السالك إلى هذه الدرجة من المعرفة، والتي هي شهود ذاته في شهود ذات الحق المقدّسة لا منفصلاً عنها، يطلقون عليه اسم «العرفان».
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي رضا بناهيان
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (2)
الحسن المجتبى: نعش بسبعين نبلة
ظروف تشييع جنازة الإمام الحسن (ع)
دور الصالحين التكويني والبركات التي تنزل بفضل وجودهم
عولمة النّهضة الحسينيّة، جديد الأستاذ جاسم المشرّف
المقارنة بين الإسلام والأديان السابقة في رتب الكمال
الذكاء الاصطناعي في عين الحكمة الفلسفية
أسرار مآتمنا المختصّة بأهل البيت (عليهم السلام)