الشيخ مرتضى الباشا
قال الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (1) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (2)}.
الآيتان تتحدثان عن (أعمال الذين كفروا)، والأعمال تارة تكون هي العبادات الباطلة، مثل سجودهم للأصنام وتقريب القرابين لها، وتارة تكون سعيهم في الحياة الدنيا. من جهة أخرى تارة تكون الأعمال (بالجوارح) وتارة تكون أعمالاً (فكرية ثقافية- إن صحّ التعبير).
(أ) الآية الأولى شبهّت الكافر بالظمآن العطشان، الذي يرى السراب من بعيد، فيسعى إليه ويتحرك باتجاهه بلهفة وشوق ويتعب نفسه، ولكنه إذا وصل إليه لم يجده شيئًا، ولكنه وجد الله تعالى حيث لم يكن مستعدًا لهذا اللقاء، ولم يعدّ له عدّة. كل ما عوّل عليه لم يوّفر له السعادة والراحة، ولم يسعفه عند حاجته إليه، وبقي وحيدًا فريدًا بلا ناصر ولا معين بين يدي الله سبحانه، فوفّاه الله سبحانه حسابه على كل أعماله، والله سريع الحساب، أي سريع المجازاة، لأن كل ما هو آت، فهو سريع قريب، وكما نرى العمر يمضي بسرعة، ويأتي الجزاء الدنيوي والأخروي على ما نقوم به.
والله سبحانه عالم بكل أعمال الإنسان، بالقليل والكثير، والحقير والخطير، والدقيق والجليل، فلا يفوته عمل، ولا ينسى المجازاة على كل شيء، ولا يبخس الناس حقهم.
ويمكن أن نستفيد من الآية القرآنية أنّ (رؤية الكفر والكفار وأعمالهم) ما هي إلا خدعة كالسراب، سرعان ما ينكشف باطلها.
فائدة: يرى البعض أنّ "البقيعة" جمع "قاعة"، بمعنى الأرض الواسعة التي لا ماء ولا نبات فيها، ويطلق ذلك على الصحاري التي يظهر فيها السراب في معظم الأحيان، إلا أنّ بعض المفسّرين واللغويين يرون أنّ هذه الكلمة مفردة، وجمعها "قيعان" أو "قيعات".
(ب) الآية الثانية فيها بيان لواقع الكفر والابتعاد عن الله تعالى:
فالله سبحانه هو نور السماوات والأرض، وهو وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، أمّا الكفار فهم ظلمات في اعتقادهم وتحيّرهم وضلالهم، وظلمات في أعمالهم وسلوكياتهم، وظلمات في دنياهم وحياتهم، وظلمات في آخرتهم (ظلمة البحر العميق الهائج، وأمواجه المتلاطمة، وتلاعب اللجج بالمركب ومن فيه، والاضطراب والتيهان بين أمواج الضلال والانحرافات بأنواعها وأشكالها، وظلمة السحاب المتراكم) لا يهتدي ولا يستقر ولا يطمئن ولا بصيص أمل، فالظلمة شديدة، حتى أنّ الإنسان لو رفع يديه أمام عينيه، فلا يستطيع رؤيتها، بل لا يقترب من رؤيتها {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}، رؤية يديه مستحيلة. ومن يستحيل عليه رؤية يديه فماذا عساه أن يرى من الحقائق والوقائع المحيطة به؟!!!
{وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}
ـــــــــــــــــــــــــ
(1). [ النور: 39]
(2). [ النور: 40]
الشيخ باقر القرشي
حيدر حب الله
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
الإمام الرضا (ع) وحركة الواقفة
من بحوث الإمام الرّضا (ع) العقائديّة (1)
صور من بلاغة القرآن الكريم
من آداب طلب العلم
أزمة الحبّ والإيمان (1)
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (2)
من مؤشّرات الوهن العام
الإمام الرضا: نفحة من الشّذا الفاطمي
الإمام الرضا (ع) عالم آل محمد، جديد الشّيخ عبدالله اليوسف
حقيقة مهمّة: إنّ الإمام الرّضا (ع) يحبّك، يعرفك، وهو يدعو لك!