
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
قال تعالى: ﴿ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86].
من جملة ذلك الآية التي تنفي بقوله: ﴿وَلَا يَملِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ﴾ ثم إنّها استثنت منهم فريقاً فقالت: ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُم يَعلَمُونَ﴾.
يبدو أنّ الصفة الأولى للشفعاء هي الشهادة بالحق؛ فلابدّ أن يكون الشفيع موحّداً، أي لا تتحقق الشفاعة إلّا في ظل التوحيد ونبذ الأصنام والاستعانة بلطف اللَّه.
قال بعض المفسّرين: إنّ هذا الوصف للمشفوع لهم. أي إنّ الشفاعة لا تشمل إلّا من يقر بحقّانية اللَّه ووحدانيّته، فهي لا تشمل المشركين مطلقاً.
لكن ظاهر الآية، دالّ على التفسير الأول، لأنّ التفسير الثاني يحتاج إلى التقدير «1»، والتقدير خلاف للظاهر.
أمّا الوصف الثاني: «وهم يعلمون» فقد ورد كلا التفسيرين بشأنه أيضاً، فإن كان الوصف للشفعاء فسيكون معنى الجملة: أولئك الذين يشهدون بالحق عن علم ووعي، أو إن كان المقصود هم المشفوع لهم فيكون المعنى حينئذٍ أنّهم يعرفونهم ويعلمون لمن ينبغي أن تكون الشفاعة.
فإن كان الوصف للمشفوع لهم؛ يجب أن يكون مفهومها هو أنّ الشفاعة تشمل من ينطقون بحق كلمة التوحيد ويقولونها عن علم ووعي انطلاقاً من الدليل والبرهان وهي غير مقصورة على اللسان.
وجاء نفس هذا المعنى بصورة أخرى في نفس هذه الآية التي نحن بصددها، فبعد استنكار الآية ورفضها لقول عبدة الأوثان الذين يظنون أنّ الملائكة أبناء اللَّه تقول لهم بأنّهم عباد اللَّه وأنّهم: ﴿وَلَا يَشفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارتَضَى﴾ وفي الحقيقة: ﴿وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشفِقُونَ﴾.
وعلى هذا فعبادة الملائكة لأجل نيل شفاعتهم (وهي عقيدة المشركين) لا طائل من ورائه، فهم يأتمرون بأمره تعالى ولا يشفعون إلّا لمن يرتضي، أي للموحّد فقط.
وعلى هذا تكون جملة «لمن ارتضى» إمّا إشارة إلى رضاه عن دينهم وتوحيدهم وإيمانهم، وإمّا كونه راضياً عن الشفاعة لهم، وكلاهما يرجعان إلى معنىً واحد.
وانطلاقاً ممّا ذكر فإنّ شفاعة غير اللَّه لا تكون إلّا بإذنه، وإذنه يختص بالمؤمن والموحّد.
ويطالعنا في الآية الآتية تعبير جديد يجري في نفس هذا المجرى، فالآية تتحدث عن سوق المجرمين نحو جهنّم ثم تقول: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 87].
وهذا الوصف لمن يُشفع لهم (بقرينة الآية السابقة لها والتي تتحدث عن المجرمين).
ومن المؤكّد أنّ المقصود بالعهد هنا هو الإيمان باللَّه والإقرار بوحدانيّته وتصديق الأنبياء وقبول ولاية الأوصياء، وقد أضاف البعض إلى كل ذلك العمل الصالح.
ورغم كثرة الاحتمالات التي طرحها المفسّرون في تفسيرهم لكلمة «العهد»، إلّا أنّه يتضح خلال التمعن فيها أنّها تعود إلى المعنى.
واحتمل بعض المفسرين الكبار أن يكون هذا الوصف للشفعاء وأنّ المقصود ب «العهد» هنا هو نفس ما ورد في الآية 86 من سورة الزخرف؛ أي «الشهادة بالحق» «2».
ولكن بما أنّ الضمير في «لا يملكون» ينبغي أن يعود على صريح مذكور في الآية السابقة وأنّ كلمة «المجرمين» هي المذكورة في الآية، يبدو هذا الاحتمال مستبعداً، والظاهر أنّ الوصف يخص المشفوع لهم.
وعلى هذا الأساس يجب أن تكون هناك علاقة بين الشفيع والمشفوع له قائمة على الإيمان والعمل الصالح، لأنّ الشفاعة هناك محسوبة ولا تعني مطلقاً التوسط لمن لا يستحق.
جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال: «من أدخل على مؤمن سروراً فقد سرّني ومن سَرّني فقد اتّخذ عند اللَّه عهداً» «3».
من المؤكّد أنّ عبداً لو أدخل السرور على المؤمن لأجل إيمانه، فهو من ذوي الإيمان والعمل الصالح وذلك ممّا يوثّق علاقته باللَّه من أجل قبول شفاعته.
(1). ينبغي أن يكون تقدير الآية على هذه الشاكلة: «إلّا لمن شهد بالحق».
(2). تفسير الميزان، ج 14، ذيل الآية 86 من سورة مريم.
(3). تفسير در المنثور، (وفقا لنقل تفسير الميزان في الآية مورد البحث.
سبيل غلبة العقل على النفس
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
عدنان الحاجي
معنى (قضى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
التمهيد إلى ميتافيزيقا إسلاميّة بَعديّة (4)
محمود حيدر
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
السيد عباس نور الدين
السيدة الزهراء: وداع في عتمة الظلمات
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
أهميّة المداراة وخطورة المداهنة
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
كيف تنمّي الشخصية الأخلاقية في طفلك؟
القصيدة بين الذّات والآخر، أمسية شعريّة للشّاعر حسين اللّويم
الجزء الثّاني من كتاب الشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور: (قضايا مأتميّة)
هل البكتيريا تأكل البلاستيك حقًّا؟
هل حان الوقت لتصنيف مرض الزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث؟