المشكيني ..
موقع اللسان من الإنسان موقع ينبغي أن يمتاز بالبحث والتحقيق عن حاله وبيان وظائفه عقلاً وشرعاً واجتماعاً، فإنه من أعظم ما يمتاز به الإنسان عن أبناء جنسه، ولذا قال تعالى: (خلق الإنسان، علمه البيان)[1]، واللسان هو الطريق الوحيد العام لانتقال ضمائر الإنسان وعلومه ومعارفه إلى بني نوعه.
وأما البيان بالقلم، كما قيل: إن البيان بيانان: بيان باللسان، وبيان بالبنان، فهو يختص من حيث الملقن والملقن له، وكيفية التلقين بالعلماء ولا يعم الجميع. وذكر بعض علماء الفن أن المعاصي التي يمكن صدورها من اللسان ثمانية عشر نوعاً، وسيأتي بعضها.
ثم إن المراد بالصمت الممدوح أعم من الصمت عن التكلم الحرام، أو عن التكلم بما لا فائدة فيه للانسان.
فقد ورد في النصوص: أن علي بن الحسين (ع) سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال: لكل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: كيف ذلك؟ قال: لأن الله ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس، إنك تصف فضل السكوت بالكلام، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت[2].
وأنه ليس على الجوارح عبادة أخف مؤونة وأفضل منزلة وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله، ألا ترى أن الله لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه غير الكلام؟ وكذلك بين الرسل والأمم فهو أفضل الوسائل والعبادة. وكذلك لا معصية أسرع عقوبة وأشد ملامة منه[3].
والسكوت خير من إملاء الشر، وإملاء الخير خير من السكوت[4].
ولكن قد ورد: أن الكلام لو كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب[5]، وظاهره أن الصمت في موضع رجحانه أفضل من الكلام في مورد رجحانه، فهذا: إما بنحو الموجبة الجزئية، أو أن الجملة مسوقة لبيان حال أكثر الناس، حيث أنهم جاهلون بسطاء، وكلامهم لو كان خيراً فهو خير قليل، فسكوتهم أفضل منه.
وأنه: جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر والسكوت والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبراً وسكوته فكراً وكلامه ذكراً[6].
وأنه لا حافظ أحفظ من الصمت[7].
وأن علياً (ع) وقفت على رجل يتكلم بفضول الكلام وقال: إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك[8].
وأن أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه[9].
وأن النطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل[10].
وأنه تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه[11].
وأن من علامات الفقه الصمت[12]، قال المجلسي (رض): (الفقه هو العلم الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح).
وأن الصمت باب من أبواب الحكمة يكسب المحبة، وهو دليل على الخير[13].
وأن على لسان كل قائل رقيباً، فليتق العبد ولينظر ما يقول[14].
وأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه[15].
وأنه: ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان[16].
وأن المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً، فاذا تكلم كتب محسناً أو مسيئاً[17].
وأن داود قال لسليمان: عليك بطول الصمت إلا من خير، فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات[18].
وأنه ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت[19].
وأن من لم يملك لسانه يندم[20].
وأن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه[21].
وأن الصمت مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك[22].
وأنه من المنجيات[23].
وأنه: إن أردت خير الدنيا والآخرة فاخزن لسانك كما تخزن مالك[24].
ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه[25].
وأن الصمت نعم العون في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً[26].
وأن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب[27].
وأنه: لا بد للعاقل أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه[28].
وأن نجاة المؤمن في حفظ لسانه، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته[29].
وأن ذلاقة اللسان رأس المال[30].
وأن من حق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده حسن القول وترك الفضول[31].
وأن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت فأنت في وثاقه[32].
ورب كلمة سلبت نعمة[33].
ومن كثر كلامه كثر خطؤه[34].
وحبس اللسان سلامة الإنسان[35].
وبلاء الإنسان من اللسان[36].
وفتنة اللسان أشد من ضرب السيف[37].
وأن من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار[38].
وأنه: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، فمن استطاع أن يلقى الله وهو سليم اللسان من أعراض المسلمين فليفعل[39].
وأن اللسان كلب عقور، إن خليته عقر[40].
وأن نجاة المؤمن من حفظه[41].
وأنه ما أحسن الصمت لا من عيّ، والمهذار له سقطات[42].
وأن الكلام ثلاثة: رابح وسالم وشاحب، فأما الرابح فالذي يذكر الله، وأما السالم فالذي يقول ما أحب الله، وأما الشاحب فالذي يخوض في الله[43].
وأنه: لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم[44].
وأن اللسان سبع، إن خلي عنه عقر[45].
وأنه: هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه[46].
وأنه إذا تم العقل نقص الكلام[47].
وأنه: رب قول أنفذ من صول[48].
وأنه: اجعلوا اللسان واحداً. وأن اللسان جموح بصاحبه، وما أرى عبداً يتقي بتقوى الله تنفعه حتى يختزن لسانه[49].
وأن لسان المؤمن من وراء قلبه، وأن قلب المنافق من وراء لسانه[50].
وأن اللسان بضعة من الإنسان، فلا يسعده القول إذا امتنع، ولا يمهله النطق إذا اتسع[51].
وأن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء[52].
وأنه إذا فاتك الأدب فالزم الصمت[53].
وأن المرء يعثر برجله فيبرأ، ويعثر بلسانه فيقطع رأسه[54].
وأن الله جعل صورة المرأة في وجهها وصورة الرجل في منطقه[55].
ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم[56].
وأن الباقر (ع) قال: شيعتنا الخرس[57] (هو جمع أخرس، أي: لا يتكلمون باللغو والباطل، وفيما لا يعلمون، وفيما لا يعنيهم، وفي مقام التقية).
وأنه: ما من يوم إلا وكلّ عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللسان يقول: نشدتك الله أن نعذب فيك[58]. (يكفر اللسان أي: يذل ويخضع له، والمراد: أن لسان حال الأعظاء هو الإقسام له بأن تكف نفسك من أن نعذب بسببك).
وأن الله يعذب اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح، فيقول له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام[59].
وأنه: إن كان في شيء شؤم ففي اللسان[60].
[1] الرحمن: 3 ـ 2.
[2] الحقائق: ص71 ـ بحار الأنوار: ج71، ص274.
[3] بحار الأنوار: ج71، ص285.
[4] بحار الأنوار: ج71، ص294.
[5] المحجة البيضاء: ج5، ص195 ـ بحار الأنوار: ج71، ص278.
[6] الأمالي: ج1، ص32 ـ ثواب الأعمال: ص212 ـ الخصال: ص98 ـ معاني الأخبار: ص334 ـ من لا يحضره الفقيه: ج4، ص405 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص538 ـ بحار الأنوار: ج71، ص275 وج77، ص406 وج78، ص54.
[7] بحار الأنوار: ج71، ص275.
[8] من لا يحضره الفقيه: ج4، ص396 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص538 ـ بحار الأنوار: ج71، ص276.
[9] بحار الأنوار: ج71، ص276.
[10] بحار الأنوار: ج71، ص276.
[11] نهج البلاغة: الحكمة 392 ـ بحار الأنوار: ج71، ص276.
[12] بحار الأنوار: ج71، ص276.
[13] بحار الأنوار: ج71، ص288.
[14] وسائل الشيعة: ج8، ص537 ـ بحار الأنوار: ج71، ص277.
[15] تنبيه الخواطر: ج1، ص236 ـ مجمع البحرين: ج1، ص309 ـ بحار الأنوار: ج71، ص277.
[16] الخصال: ص15 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص535 ـ بحار الأنوار: ج71، ص277.
[17] ثواب الأعمال: ص196 ـ الخصال: ص15 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص529 ـ بحار الأنوار: ج71، ص277.
[18] بحار الأنوار: ج71، ص277.
[19] الخصال: ص35 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص55 ـ بحار الأنوار: ج71، ص278 وج99، ص103.
[20] غرر الحكم ودرر الكلم: ج5، ص245 ـ بحار الأنوار: ج71، ص278.
[21] الكافي: ج2، ص116 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص537 ـ بحار الأنوار: ج71، ص289.
[22] بحار الأنوار: ج71، ص279.
[23] نفس المصدر السابق.
[24] بحار الأنوار: ج71، ص280.
[25] غرر الحكم ودرر الكلم: ج2، ص180 ـ بحار الأنوار: ج71، ص280.
[26] بحار الأنوار: ج71، ص280.
[27] الأمالي: ج1، ص2 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص536 ـ بحار الأنوار: ج71، ص281 وج93، ص164.
[28] بحار الأنوار: ج71، ص281 ـ مرآة العقول: ج8، ص225.
[29] وسائل الشيعة: ج8، ص535 ـ بحار الأنوار: ج71، ص283.
[30] بحار الأنوار: ج71، ص286.
[31] روضة الواعظين: ص467 ـ بحار الأنوار: ج71، ص286.
[32] نهج البلاغة: الحكمة 381 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص531 ـ بحار الأنوار: ج71، ص286 ـ مرآة العقول: ج8، ص219.
[33] غرر الحكم ودرر الكلم: ج4، ص58 ـ بحار الأنوار: ج71، ص287.
[34] وسائل الشيعة: ج8، ص531 ـ بحار الأنوار: ج71، ص291.
[35] جامع الأخبار: ص93 ـ بحار الأنوار: ج71، ص286.
[36] بحار الأنوار: ج71، ص286 ـ مستدرك الوسائل: ج9، ص30.
[37] بحار الأنوار: ج71، 286.
[38] الكافي: ج2، ص327 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص326 ـ بحار الأنوار: ج71، ص286 وج75، ص283.
[39] بحار الأنوار: ج71، ص292 وج75، ص262 ـ مستدرك الوسائل: ج9، ص31.
[40] ارشاد القلوب: ص103 ـ بحار الأنوار: ج71، ص287.
[41] بحار الأنوار: ج71، ص286.
[42] بحار الأنوار: ج71، ص288.
[43] وسائل الشيعة: ج8، ص539 ـ بحار الأنوار: ج71، ص289 وج93، ص165.
[44] المحجة البيضاء: ج5، ص157 ـ بحار الأنوار: ج68، ص103 وج70، ص85 وج71، 290.
[45] نهج البلاغة: الحكمة 60 ـ بحار الأنوار: ج71، ص290.
[46] كنز الفوائد: ج2، ص14 ـ بحار الأنوار: ج71، ص290.
[47] نهج البلاغة: الحكمة 71 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص534 ـ بحار الأنوار: ج1، ص292 ـ مرآة العقول: ج8، ص225.
[48] نهج البلاغة: الحكمة 394 ـ بحار الأنوار: ج71، ص291.
[49] نهج البلاغة: الخطبة 176 ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ج1، ص114 وج6، ص208.
[50] نهج البلاغة: الخطبة 176 ـ بحار الأنوار: ج71، ص292 ـ المحجة البيضاء: ج5، ص195.
[51] نهج البلاغة: الخطبة 233 ـ بحار الأنوار: ج71، ص292.
[52] نهج البلاغة: الكتاب 31 ـ بحار الأنوار: ج71، 292.
[53] بحار الأنوار: ج71، ص293.
[54] نفس المصدر السابق.
[55] نفس المصدر السابق.
[56] نفس المصدر السابق.
[57] الكافي: ج2، ص113 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص527 ـ بحار الأنوار: ج71، ص285.
[58] الكافي: ج2، ص115 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص534 ـ بحار الأنوار: ج71، ص302.
[59] الكافي: ج2، ص115 ـ بحار الأنوار: ج71، ص304.
[60] الكافي: ج2، ص116 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص534 ـ بحار الأنوار: ج71، ص305.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
تحدّي القرآن بالإخبار عن الغيب
الفطرة والغريزة
نظرية أهل البيت (عليهم السلام) في فهم القرآن الكريم
وجود الإنسان والمنظومة الدقيقة
محاضرة للشّعلة بعنوان: ثلاث خطوات لجعل عامك الجديد أكثر نجاحًا
متى تحرّر سلمان الفارسيّ؟ (4)
العلاقة الزّوجيّة في ظلّ المجتمع، محاضرة لأنوار الفتيل في برّ سنابس
لماذا يدخل الإمام علي (ع) عنصر التاريخ في أحاديثه الوعظية؟
الإرادة الإلهيّة
في محاسبة النّفس ومراقبتها