صدى القوافي

يُسَمَّى قطيفا

الشاعر: عبد الخالق الجنبي في رثاء المؤرخ محمد سعيد المسلم

نعم إنّني لم أركْ

ولكنْ هنالكَ ما بيننا قاسمٌ مشتركْ

ووشيٌ تفتّق طيفَا

وماءً ونخلًا وسِيْفَا

وحبٌ ترعرعَ فينا صغارًا.. يسمّى قطيفا

نعم أعترف.. أنّني لم أركْ

ولم أرَ شخصك في ذي الحياة

ولكن رأيتكُ في أفق شعري

وشاهدتُ رسمكَ يزهو على ساحلِ الذهبِ الأسودِ

نعم.. أعترفْ، أنّني لم أرَكْ

ولكنّني سوف أسقي التراب الذي أنت فيه بدمعي

وسوف أناغيك تحت الرماد

إلى أن أرى برغم الياسمين غدًا واحةً في ضفاف الخليج

وحتى تألق للموج موجٌ لموج

ونوّارة للندى قد ترامَت

على حضن من أريج

نعم.. أعترف أنّني لم أرَكْ

ولكن سأرثيك شمسا

ونجمًا وبدرا

وباقة زهر تَضوَع مسكًا وجمرا

وسوف أصيح على قبرك المنحني

أيا ميّتا لم يرَ الانحناء

 فكيف انحنيت؟

ونخل القطيف يلاقي الرياحَ ولا ينحني

سأبكيك برًّا، ودفئًا وقمحا

وإهلَيْلَجًا حاطني سورُه فَأمِنْتْ

وألبسني في دراريه سَبحا

سأبكيكَ أهزوجةً في ليالي الشّتاء

تعالت على مسمع الدهر صَدحا

سأبكيك جرحًا مضى غائرًا

ولكنّه عاد وهجًا، فرحا

ومعركة تحت ظلّ اليراع تجلّت

عن الفارس الفذِّ ميتا

أيا زمنا كيف يموت كريمٌ وأنت اللّئيمُ حييت؟

فليتك يا نجمنا ما أفلتْ

وليتك أبقيتنا، فبقيتْ

وليتك تصحو، وليتك تدنو

ولكن لعمريَ ما نفع "ليتْ"؟

وأصداء ناعيك تصمي مسامي

وتوقر أذنيّ طميا وطينا

وقد كنت فجري، وصبحي وظهري

وما كنت ليلي الذي يستجيش أنينا

وكنت الخطيب الذي ما عييت

فقل لي بحق تراب القطيف

لماذا سكتَّ؟

وخلّفتنا ذاهلينا سكوتا؟

سأبكيك بحرًا تفجر درّا

وفكرًا تألّق دهرا

وسنبلة أنبتت خمس سنابل في كل سنبلة ألفَ حبّة

سأبكيك مثل يتيم دهاهُ أبوهُ

وضاع صباه فضيّع دربه

سأبكيك قيثارة للخلود

تسامت على وتر اللابقاءْ

وراحت تدندن فيها فتاة

هي الخَطُّ ما بين نخل وماء

ونمنمة من صمود

تَرَدَّد في كلّ حول وفي كلّ عيد

نعم.. إنّني لم أرك

ولكن هنالك ما بيننا قاسم مشترك

تفتق ريفا، وماء، ونخلًا وطَيفا

وحبًّا ترعرع فينا زمانًا

يسمّى قطيفا 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد